«عين الصقر» تضرب قلب داعش
نفذ الجيش الأمريكى ضربات جوية وبرية واسعة النطاق ضد عشرات الأهداف التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية فى سوريا، ردًا على هجوم دموى استهدف قوات أمريكية وأسفر عن مقتل جنديين ومترجم مدنى أمريكى فى وسط البلاد نهاية الأسبوع الماضى، وفق ما أفاد مسئولون أمريكيون. وأوضح المسئولون أن الغارات جاءت تنفيذًا لتعهد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالانتقام بعد الهجوم الذى يُشتبه فى أن تنظيم داعش نفذه فى 13 ديسمبر واستهدف قافلة مشتركة للقوات الأمريكية والسورية قرب مدينة تدمر وسط سوريا.
أسفرت الضربات الأمريكية الليلية على مواقع التنظيم عن مقتل خمسة عناصر على الأقل، بحسب ما أفاد المرصد السورى لحقوق الإنسان، مؤكدًا أن من بين القتلى «قائد خلية مسئولة عن الطائرات المسيرة» فى دير الزور، فضلًا عن أن الهجمات استهدفت خلايا للتنظيم فى مناطق حمص ودير الزور.
وقال وزير الدفاع الأمريكى بيت هيغسيث إن الضربات استهدفت مقاتلى التنظيم والبنية التحتية التابعة له ومواقع الأسلحة، مؤكدًا أن العملية حملت اسم «عملية ضربة هوك آى – عين الصقر». وأضاف هيغسيث: «ما جرى لا يمثل بداية حرب جديدة بل هو إعلان انتقام مباشر». قائلاً: «اليوم طاردنا أعداءنا وقتلنا الكثير منهم وسنواصل ذلك».
وأوضح أن العملية نفذت باستخدام طائرات F-15 وA-10 الأمريكية، إلى جانب مروحيات أباتشى الهجومية وأنظمة صواريخ HIMARS، فى واحدة من أوسع الضربات التى تنفذها الولايات المتحدة ضد التنظيم خلال الأشهر الأخيرة. وأعلنت القيادة المركزية الأمريكية عن أن الضربات استهدفت أكثر من 70 هدفًا للتنظيم فى وسط سوريا، مشيرة إلى مشاركة طائرات مقاتلة أردنية ضمن التحالف الدولى الذى تقوده الولايات المتحدة. وأظهرت صور وزعها سلاح الجو الأمريكى تحضير طيارين لطائرات F-15 إى سترايك إيجل لتحميل ذخائر موجهة من طراز GBU-31 لدعم العملية.
من المتوقع أن تستمر الإضرابات لعدة أسابيع أو حتى شهر، وفقًا لاثنين من المسئولين الأمريكيين.
فيما قال الرئيس دونالد ترامب فى منشور على وسائل التواصل الاجتماعى إن الحكومة السورية أيدت الضربات بشكل كامل، مؤكدًا أن الولايات المتحدة نفذت ردًا «خطيرًا للغاية» على الهجوم الذى استهدف قواتها. وخلال خطاب فى ولاية كارولاينا الشمالية وصف ترامب العملية بأنها «ضربة هائلة ضد عناصر تنظيم داعش المسئولين عن الهجوم»، مضيفًا خلال تجمع انتخابى فى مدينة روكى ماونت: «لقد ضربنا بلطجية داعش فى سوريا وكان الأمر ناجحًا للغاية. إدارتنا لن تتهاون فى الرد على أى استهداف للقوات الأمريكية».
وأكدت وزارة الخارجية السورية فى بيان التزام دمشق بمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية وضمان عدم وجود ملاذات آمنة له على الأراضى السورية، مشيرة إلى استمرار التعاون مع التحالف الدولى بقيادة الولايات المتحدة فى هذا الملف. ويشير هذا التعاون إلى تحسن ملحوظ فى العلاقات بعد زيارة الرئيس السورى أحمد الشرع إلى البيت الأبيض الشهر الماضى.
الضربات الأمريكية الأخيرة، واحتمال تنفيذ عمليات إضافية خلال الأيام المقبلة، تمثل تصعيدًا عسكريًا حادًا فى وقت خفضت فيه الولايات المتحدة وجودها العسكرى إلى نحو ألف جندى فقط، أى نصف عدد القوات التى كانت منتشرة مطلع العام. وكان قرار تقليص القوات فى ظل ما اعتبرته واشنطن تحسنًا نسبيًا فى الوضع الأمنى، لكن الهجوم الأخير أعاد طرح تساؤلات حادة حول المخاطر المستمرة ومعضلة بقاء القوات الأمريكية فى البلاد.
ولم تعلن أى جهة مسئوليتها عن الهجوم الذى أودى بحياة الجنود الثلاثة، غير أن التقييمات الأولية لوزارة الدفاع الأمريكية وأجهزة الاستخبارات تشير إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية هو المرجح لتنفيذه. وكشف كبار مسئولى الاستخبارات الأمريكية للكونجرس عن أن التنظيم يسعى لاستغلال نهاية حكم الأسد لإطلاق سراح ما بين 9 إلى 10 آلاف مقاتل من داعش، ونحو 26 ألف فرد من أسرهم المحتجزين فى شمال شرق سوريا، بهدف إعادة بناء قدراته التخطيطية والتنفيذية.
ورغم خسارته السيطرة على مساحات واسعة، لا يزال التنظيم ينشر أيديولوجيته المتطرفة عبر خلايا سرية وفروع إقليمية خارج سوريا وعبر الإنترنت. وخلال العام الماضى كان التنظيم مسئولاً عن هجمات كبيرة فى إيران وروسيا وباكستان، ما عزز المخاوف الدولية من عودته العابرة للحدود.
وأشادت قوات سوريا الديمقراطية، التى يقودها الأكراد فى شمال شرق البلاد، بالضربات الأمريكية، معتبرة أنها استهدفت مخابئ التنظيم خلال الساعات الماضية، وأكدت أن الدعم الجوى المستمر يمثل عاملًا حاسمًا فى منع التنظيم من إعادة تجميع خلاياه أو استئناف نشاطه التخريبى.
وأشار مسئولون عسكريون أمريكيون إلى أن الضربات الأخيرة تبنى على نحو 80 مهمة عسكرية نفذت منذ يوليو الماضى لاستهداف عناصر إرهابية فى سوريا، بما فى ذلك فلول تنظيم الدولة الإسلامية. وأفادت القيادة المركزية الأمريكية بأن التنظيم كان مسئولًا عما لا يقل عن 11 مخططًا أو هجومًا استهدف أهدافًا داخل الولايات المتحدة خلال العام الماضى. وأسفرت العمليات خلال الأشهر الستة الماضية عن اعتقال 119 مسلحًا ومقتل 14 آخرين، بالإضافة إلى تدمير أكثر من 130 قذيفة هاون وصاروخ وعدة بنادق ومدافع رشاشة وألغام مضادة للدبابات ومواد تستخدم فى تصنيع العبوات الناسفة.
وعقب هجوم السبت الماضى، نفذت القوات الشريكة عشر هجمات ضد أهداف للتنظيم فى سوريا والعراق، أسفرت عن مقتل اثنين من المسلحين، وأهميتها تكمن فى تمكين القوات المتحالفة من جمع معلومات استخباراتية ساعدت المحللين الأمريكيين على تحسين وتحديد الأهداف التى تم قصفها فى ضربات الجمعة.


















0 تعليق