ممنوع المرض خميس وجمعة

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

المستشفيات والعيادات خارج الخدمة

الثلاثاء 23/ديسمبر/2025 - 09:24 م 12/23/2025 9:24:03 PM
بوابة الوفد الإلكترونية

د. شريف حتة: تقديم الخدمة بسرعة أهم عناصر جودة الرعاية الصحية.. ومطلوب رقابة لحظية بالكاميرات للمستشفيات

د.محمد عز العرب: المشكلة إدارية وتنظيمية بشكل رئيسى.. والعلاج حق دستورى للمواطن

 

إذا قادك حظك العثر ومرض أحد أفراد أسرتك فى أيام الخميس والجمعة أو فى الإجازات الرسمية، فاعلم أنك لن تجد من ينقذه بسهولة، فالمستشفيات الحكومية خارج الخدمة ومعظم العيادات إجازة، ليجد المريض وأسرته أنفسهم مضطرين للجوء إلى المستشفيات الخاصة التى يدفعون فيها أموالاً طائلة حتى إذا كان المريض يحتاج لإسعافات بسيطة، فما بالنا لو تطلب الأمر خضوعه لرعاية مركزة.
فخلال الفترة الأخيرة زادت شكاوى المرضى من نقص الخدمات الصحية والعذاب داخل المستشفيات خلال أيام الخميس والجمعة والأجازات، خاصة بعد تفشى فيروس الإنفلونزا الشديد الذى اجتاح البلاد والذى أكد الدكتور عوض تاج الدين وزير الصحة الأسبق ومستشار الرئيس لشئون الصحة أن 60% من المصريين مصابون به، حيث عانى الكثيرون فى إيجاد طبيب أو رعاية صحية فى مستشفى عام أثناء أيام الخميس والجمعة، ففى هذه الأيام تكون العيادات الخاصة إجازة، وبالتالى لا يكون أمام المواطنين سوى اللجوء للمستشفيات العامة حيث يكتشفون أوجه القصور بأنفسهم
ورغم أنه من المفترض أن تضع كل منشأة طبية جداول لكل أيام الأسبوع بلا استثناء بعدد الأطقم الطبية، التى يجب أن تتواجد فيها خاصة خلال أوقات الذروة، إلا إنه لوحظ خلال الفترات الأخيرة نقص الخدمات المقدمة للمواطنين فى هذه الأيام، ودخولهم فى رحلة عذاب لإنقاذ المرضى، وبالذات عند البحث عن سرير رعاية مركزة إذا احتاج المريض لذلك.
ويروى عيد ميزار – سائق- تجربته مع أحد أهم المستشفيات العامة فى القاهرة، عندما لجأ إليها بعد شكوى زوجته من ألم فى المخ، إلا أنه عندما توجه لهذا المستشفى الكبير، ظل لساعات طويلة فى رحلة عذاب داخل الطوارئ.
وقال عيد إنه عند وصوله لقسم الطوارئ فى مساء أحد أيام الخميس من هذا الشهر، طلب منه طبيب الطوارئ الانتظار حتى يتم عرض زوجته على الطبيب المختص، ثم طلب منه بعد ذلك التوجه لعرض زوجته على أطباء الباطنة، الذين أحالوه لقسم آخر، وبعد أن ظل فى هذه الرحلة من العذاب حتى صباح اليوم التالى، طلبوا منه عرضها على العيادات الخارجية بالمستشفى، التى سيضطر للانتظار يوماً كاملاً حتى يعرضها عليها، لأن اليوم التالى كان الجمعة وهو إجازة رسمية، ما جعله فى النهاية يترك هذا المستشفى الكبير وينتقل بها إلى مستشفى خاص.
وأضاف: «بعد ما خرجت من المستشفى روحت كشفت عند دكتور خاص، وقال إنها محتاجة رعاية مركزة، وفعلاً روحنا مستشفى خاص فى الجيزة، ودفعنا 70 ألف جنيه فى 3 أيام.. طب ده حرام ولا حلال».
وحكى على أحمد، تجربته مع احتجازه فى أحد المستشفيات، حيث تم حجزه أكثر من مرة، وفى كل مرة كانت تتجاوز مدة الحجز الأسبوع.
وأضاف على: «كل مرة كنت بتحجز فيها كنت بلاقى الدكاترة والممرضات موجودين فى كل أيام الأسبوع، لكن أيام الخميس والجمعة ألاقى القسم فاضى، ومفيش غير دكتور واحد وممرضة أو اتنين بالكتير.. معرفش بقى كانوا بيسافروا ولا أجازة لكن الملاحظة دى كنت بشوفها كل مرة بتحجز فيها».
فى نفس السياق، توفى مؤخراً طالب بكلية العلاج الطبيعى بشكل مفاجئ أثناء ممارسته التمارين الرياضية داخل إحدى صالات الألعاب الرياضية بكفر الشيخ، وقال الشهود إن الوفاة كانت نتيجة التأخر فى تقديم الخدمة الطبية السريعة له فى مستشفى بيلا المركزى.
وسادت حالة من الحزن على مواقع التواصل الاجتماعى بعد وفاة هذا الشاب، وألقى الجميع التهمة على المستشفى لعدم وجود أطقم طبية قامت بالكشف عليه إلا بعد 45 دقيقة من وصوله المستشفى، فضلاً عن عدم وجود أجهزة إنعاش.
مشكلة إدارية
فى هذا الصدد، قال الدكتور محمد عز العرب، استشارى الباطنة والكبد والجهاز الهضمى،المستشار الطبى للمركز المصرى للحق فى الدواء، أن نقص الأطقم الطبية فى المستشفيات خلال أيام الخميس والجمعة والأعياد مشكلة موجودة بالفعل، ويعانى منها المرضى بشكل ما.
وأضاف عز العرب أن هناك عدة عوامل تتسبب فى هذه المشكلة، أهمها أن عدد ليس بالقليل من الأطقم الطبية سواء أطباء أو تمريض من الريف، أو مناطق بعيدة، وبالتالى يتجهوا فى هذه الأيام لزيارة الأهل، مشيرا إلى أنه حسب النظام المتبع فإنه من المفترض ألا يكون هناك نقص فى القوى العاملة خلال هذه الأيام وخاصة فى أقسام الطوارئ والرعاية المركزة، ويتم تنظيم هذا الأمر إداريا داخل كل مستشفى.
وأوضح المستشار الطبى للمركز المصرى للحق فى الدواء، أن إدارة كل مستشفى من المفترض أن تضع جداول شاملة كل أيام الأسبوع حتى الخميس والجمعة، وعند القيام بأى زيارة تفتيش من المسئولين فإن أول ما يطلبه المسئول هو الجداول للتأكد من وجود الأطقم الطبية بشكل جيد، وبالتالى من المفترض أن القوى البشرية تكون موجودة.
وتابع: «من الناحية الإحصائية هناك ساعات ذروة وساعات قليلة الكثافة، ومن هنا يتم تحديد العدد المناسب فى الجداول من جانب الإدارة حسب ساعات الذروة، ولكن غير مسموح نهائياً عدم تواجد أى من أعضاء الفريق الطبى سواء طبيب أو تمريض أو فنى أشعة حتى إذا لم يكن هناك مرضى فى الأقسام، وبالتالى هذه المشكلة سببها الرئيسى إدارى وليس أى شئ آخر».
وأكد عز العرب أن الدولة حسب الدستور تكفل العلاج للمواطن وبجودة عالية، وبالتالى عند الغياب عن العمل يتم توقيع أقصى العقوبة على المتغيبين، فضلاً عن توقيع جزاء على مدير المنشأة الطبية.
وأشار إلى أن حل هذه المشكلة يتطلب وضع حوافز تشجيعية مالية ومعنوية لأطباء الطوارئ أو الرعاية المركزة بالذات، كما يحدث مع أطباء المناطق النائية بزيادة البدلات 100% أو 200%.
كما يجب أيضاً عدم اعتماد الاستشاريين والأخصائيين على الطبيب المقيم فقط، بل يجب استدعاء الطبيب المختص سواء كان استشارى أو أخصائى فى أى وقت من اليوم، خاصة عند الحاجة إلى التدخلات الجراحية، مؤكداً أن المشكلة تنظيمية إدارية أكثر منها كفاءة أو جودة.
وتابع: «هذه الحوافز ليست طمعاً من الفريق الطبى، ولكن تشجيعاً له، خاصة فى ظل تزايد هجرة الأطباء سواء للخارج أو للعمل فى القطاع الخاص، الذى يمنح الأطقم الطبية رواتب أعلى من القطاع الحكومى، وبالتالى تشجيع وتحفيز الأطقم الطبية مادياً ومعنوياً أمر هام للغاية».
جودة الرعاية الصحية
فيما قال الدكتور شريف حتة، أستاذ الطب الوقائى والصحة العامة، إن سبب هذه المشكلة الأساسى إدارى بالدرجة الأولى، مع جودة الرعاية الصحية بشكل رئيسى.
وأضاف حتة أنه لكى يتم تقديم خدمة طبية جيدة فى المنشأة الطبية سواء كانت مستشفى أو وحدة صحية أو مركز طبى، لابد من وجود إحصائية بعدد المرضى الذين تخدمهم هذه المنشأة وتحديد أوقات الذروة والضغط، لمعرفة أعداد الأطقم الطبية والتمريض التى من المفترض تواجدها فى المنشأة الطبية.
وأوضح أستاذ الطب الوقائى والصحة العامة أن أيام الخميس والجمعة معظم الأطقم تكون فى أجازات، ولذلك يتم إتباع نظام النوبتجيات، ويكون فيها العدد أقل من قوة المنشأة الطبيعية، وهذا أمر طبيعى ومتبع فى كل مكان، وإذا حدث قصور لابد أن يقوم المرضى وذويهم بتقديم شكوى فى المكان، يشار فيها إلى أن عدد الأطقم الطبية كان غير كافيا.
ولفت حتة إلى أن الشكاوى الناتجة عن هذا الأمر قليلة وليست ظاهرة منتشرة أو شكوى عامة فى كل مكان، ولكنها فى النهاية موجودة بالفعل ولا أحد ينكرها.
وذكر أستاذ الطب الوقائى والصحة العامة أن من أهم عناصر جودة الرعاية الصحية تقديم الخدمة فى أسرع وقت ممكن، أى أن المريض إذا جاء للمنشأة الطبية يشتكى من شىء معين وليكن مثلاً ألماً فى المخ، فأول إجراء يتم اتخاذه هو عمل أشعة مقطعية، وبعدها يتم التشخيص ومعرفة طبيعة الحالة، لكن ما يتم فى بعض الحالات من المماطلة مع المريض وتوجيهه لأكثر من قسم وعدم الكشف عليه بسرعة، فإن ذلك يقلل من جودة الرعاية الصحية ويتسبب فى مشاكل.
وتابع: «لابد من تدخل الدولة وزيادة الرقابة لمنع تكرار مثل هذه الحالات، وتحديد الأماكن التى تزداد فيها مثل هذه الشكاوى، وعمل زيارات ميدانية مفاجئة بشكل مستمر من المسئولين، وخاصة أيام الأجازات والأعياد للتأكد من وجود الأطقم الطبية بشكل مناسب فى المنشآت الصحية وعدم غياب أى فرد فيها»، كما يجب أن يكون هناك رقابة من مديرى المنشآت الطبية نفسها قبل هذه الزيارات والتأكد من وجود الأطقم الطبية بشكل مستمر.
وأشار إلى أن هناك حلولاً سهلة وبسيطة حالياً يمكن تطبيقها للرقابة، أهمها استخدام التكنولوجيا ووضع كاميرات داخل الأماكن المهمة فى المستشفيات، مثل أقسام الطوارئ والعيادات والأشعة وغيرها، لمراقبة الأوضاع، ووضع شاشات صور الكاميرات داخل مكاتب المديرين أو توصيلها بهواتفهم المحمولة، حتى يستطيع كل مدير متابعة الأوضاع بشكل لحظى من مكانه.
وأضاف أستاذ الطب الوقائى والصحة العامة، أنه يمكن توصيل كاميرات جميع المستشفيات بالمديرية التابعة لها، بحيث يقوم وكيل مديرية الصحة فى كل محافظة بمتابعة أوضاع المستشفيات والمنشآت الصحية التابعة له من مكانه بدون أى تكلفة أو زيارات ميدانية تستغرق وقتاً وجهداً وأموالاً.

 

47ae4a2f1d.jpg
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق