أون لاين
الثلاثاء 23/ديسمبر/2025 - 09:22 م 12/23/2025 9:22:43 PM
فى عالم تتسارع فيه التحولات التكنولوجية يومياً، باتت الحكومة الرقمية معياراً رئيسياً لتقييم كفاءة الدولة فى تقديم الخدمات وتحقيق الشفافية والتواصل مع المواطنين، وفى هذا السياق، سجلت مصر إنجازاً بارزاً خلال عام 2025 بتقدمها 47 مركزاً فى تصنيف مؤشر نضج الحكومة الرقمية الصادر عن البنك الدولى، لتصل إلى المركز 22 عالمياً بنسبة نضج بلغت 0.911 نقطة من 1، ما يعكس مكانتها بين الدول الرائدة فى المجال.
هذا التقدم لم يكن وليد المصادفة، بل نتيجة استراتيجية مصر الرقمية التى تنفذها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بقيادة الدكتور عمرو طلعت، على مدار سنوات، والتى تركز على عدة ركائز أساسية، ميكنة العمليات والخدمات الحكومية، توسيع نطاق الخدمات الرقمية عبر منصة مصر الرقمية، تبنى أحدث التقنيات فى القطاع الحكومى، ودعم البنية التحتية الرقمية مع سن سياسات وتشريعات داعمة للتحول الرقمى مثل سياسة البيانات المفتوحة.
الأرقام تشير بوضوح إلى نجاح هذه الاستراتيجية على مستوى جميع محاور المؤشر، فقد ارتفع تقييم محور دعم النظم الحكومية الأساسية إلى 0.916 نقطة مقارنة بـ0.783 نقطة فى التقرير السابق، فيما شهد محور تقديم الخدمات الحكومية الرقمية قفزة إلى 0.962 نقطة مقابل 0.795، كما تحسن محور المشاركة والتواصل الرقمى مع المواطنين إلى 0.896 نقطة مقارنة بـ0.626، فى حين سجل محور ممكنات الحكومة الرقمية ارتفاعاً إلى 0.869 نقطة مقابل 0.802 نقطة، هذه القفزات تعكس ليس فقط تطويراً تقنياً، بل أيضاً قدرة مؤسسات الدولة على تبنى ثقافة الابتكار الرقمى والتفاعل بكفاءة مع احتياجات المواطنين.
جانب آخر مهم فى استراتيجية مصر الرقمية هو الاستثمار فى بناء القدرات الرقمية، فقد أصبحت برامج التدريب والتأهيل للكوادر الحكومية من أولويات الوزارة، بما يضمن أن تكون القوى العاملة مجهزة للتعامل مع التقنيات الحديثة، سواء فى مجالات الذكاء الاصطناعى، البيانات الضخمة، أو الأمن السيبرانى، هذه الجهود تؤسس لبيئة مواتية للابتكار وتطوير الخدمات الحكومية، كما يبرز من خلال إطلاق مبادرات مثل معمل الابتكار الحكومى الذى يدعم الشركات الناشئة المبتكرة ويعزز جودة الخدمات الرقمية المقدمة للمواطنين.
الإنجازات الرقمية لمصر خلال السنوات الخمس الماضية تعد نموذجاً يُحتذى به فى المنطقة، فقد انتقلت مصر من فئة الدول ذات الأداء المرتفع (ب) بنسبة نضج 0.649 عام 2020، إلى الفئة الأعلى (أ) بنسبة 0.751 عام 2022، وصولاً إلى 0.911 عام 2025، هذا التقدم ليس مجرد أرقام، بل مؤشر على تحول شامل فى طريقة عمل الحكومة، ويمثل فرصة لتعزيز ثقة المواطنين والمستثمرين فى قدرة الدولة على تقديم خدمات فعالة وشفافة.
بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية الرقمية، فإن السياسات الداعمة والتحفيز على الابتكار أسهمت فى خلق بيئة رقمية متكاملة، فمصر لم تكتفِ بتوفير منصات إلكترونية للخدمات الحكومية، بل حرصت على دمج التقنيات الحديثة فى تصميم العمليات، مما يسهل الوصول إلى الخدمات، ويقلل من الهدر الإدارى، ويضمن سرعة وكفاءة الأداء، هذه المقاربة تجعل مصر ليست فقط متقدمة رقمياً، بل هى نموذج فى الشمولية الرقمية والقدرة على التكيف مع المستقبل.
نجاح مصر فى تحقيق هذه القفزة النوعية فى مؤشر نضج الحكومة الرقمية يعكس التزام الدولة برؤية التحول الرقمى ورغبتها فى بناء مجتمع متصل بكفاءة عالية، المستقبل الرقمى لمصر ليس مجرد طموح، بل واقع ملموس يتجسد فى الخدمات الرقمية، الكوادر المؤهلة، والبنية التحتية المتطورة، ليضع مصر فى مصاف الدول الرائدة عالمياً ويجعلها مثالاً يُحتذى به فى المنطقة والعالم.


















0 تعليق