تحديات الاستقرار المالى أصبحت عابرة للحدود
التوترات المصرفية عام 2023، كشفت عن قصور معايير السيولة التقليدية
أكد حسن عبدالله، محافظ البنك المركزى المصرى، أن تحديات الاستقرار المالى أصبحت عابرة للحدود، ولا يمكن لأى دولة مواجهتها منفردة، ما يجعل التعاون والتنسيق ضرورة ملحة لبناء رؤى مشتركة تعزز مرونة الأنظمة المالية العربية، وتدعم قدرتها على مواجهة المخاطر واحتضان الابتكار لخدمة التنمية.
على أهمية الموضوعات التى يناقشها الاجتماع خاصة فيما يتعلق بالاستقرار المالى وأولويات الرقابة والإشراف فى المنطقة العربية، باعتبارها دعامة أساسية لتحقيق طموحات التنمية فى ظل المرحلة الانتقالية المعقدة التى يشهدها الاقتصاد العالمى، وما يصاحبها من ارتفاع التضخم، وتقلبات فى السيولة، وتحولات جيوسياسية متسارعة.
وأضاف أن حدة هذه التحديات تزداد فى المنطقة العربية نتيجة ارتفاع مستويات الدين العام، وتقلبات أسعار الصرف والنفط المستمرة، التى تؤثر بشكل مباشر على المالية العامة، والأنشطة الاقتصادية، وتوقعات المستثمرين.
وأكد حسن عبدالله أن هذه التحديات فرضت على البنوك المركزية دوراً أكبر فى حماية الاستقرار النقدى، وتعزيز صلابة الاقتصاد، وبناء أنظمة مالية أكثر مرونة لضمان مواصلة تحقيق النمو المستدام، وامتصاص الصدمات غير المتوقعة، والحفاظ على ثقة الأسواق.
جاء ذلك خلال الكلمة الرئيسية للاجتماع السنوى العشرين رفيع المستوى حول الاستقرار المالى والأولويات الرقابية والإشرافية، الذى ينظمه صندوق النقد العربى بالتعاون مع معهد الاستقرار المالى (FSI)، ولجنة بازل للرقابة المصرفية فى بنك التسويات الدولية، فى العاصمة الإماراتية أبوظبى، بحضور خالد محمد بالعمى محافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزى، والدكتور فهد بن محمد التركى، المدير العام ورئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربى، وفرناندو ريستوى رئيس معهد الاستقرار المالى، ونيل إيشو الأمين العام للجنة بازل للرقابة المصرفية، كما حضر عدد كبير من محافظى البنوك المركزية بالدول العربية مثل البحرين وتونس وفلسطين ولبنان، إلى جانب لفيف من المسئولين والخبراء.
وسلط المحافظ الضوء على النمو المتسارع للمؤسسات المالية غير المصرفية، التى ارتفعت حصتها إلى نحو 50% من الأصول المالية العالمية، مما يجعلها محركاً مهماً للأسواق وأداة لتعزيز النمو الاقتصادى والشمول المالى، لكنها فى الوقت نفسه تحمل مخاطر أكبر تتطلب أطراً رقابية متقدمة وشفافة.
وأشار المحافظ إلى التوسع الهائل فى الابتكار التكنولوجى، خاصة استخدام الأصول الرقمية والعملات المستقرة، التى تضاعفت قيمتها خلال الأعوام الثلاثة الماضية وأصبحت مكوناً مؤثراً فى المدفوعات والتحويلات عبر الحدود، كما أوضح أن التحولات الكبيرة التى يقودها الذكاء الاصطناعى، وما يتيحه من فرص لتعزيز قدرات التحليل والرقابة، مع الإشارة إلى المخاطر المصاحبة لهذه التطورات، والتى تشمل التباين التنظيمى، والتحيز، وحماية البيانات، بالإضافة إلى تزايد المخاطر السيبرانية، ما يستلزم بنية رقمية أمنة وتشريعات متطورة.
وتطرق عبدالله التوترات المصرفية التى شهدها العالم فى عام 2023، خاصة بعد توقف أربعة بنوك عن العمل، والتى كشفت عن قصور معايير السيولة التقليدية فى ظل السحب الرقمى السريع وانتقال الأموال الفورى عبر المنصات الإلكترونية، موضحاً أن هذه الأزمات نتجت نظراً لعدة عوامل مجتمعة منها ضعف الحوكمة، وقصور إدارة المخاطر، ونماذج الأعمال غير المستدامة والإشراف الرقابى غير الكافى، مما يستلزم تحديث اختبارات الضغط، وتعزيز الجاهزية التشغيلية، وتطبيق إشراف استباقى قادر على اكتشاف المخاطر مبكراً.
وناقشت جلسات الاجتماع عدداً من الموضوعات المحورية، بما فى ذلك المخاطر والاتجاهات الناشئة فى الأنظمة المالية العربية، وسياسات الاستقرار المالى ودعم النمو، وتطوير العمليات الإشرافية، إلى جانب تنظيم العملات المستقرة، ودور الذكاء الاصطناعى، وإدارة مخاطر السيولة.







0 تعليق