ما أصعب أن يتوقف المطرب عن الغناء، قبل أن يهجر هذه الدنيا، ما أحزن ألا يواصل مجد ما قدم، وأن يصله بحاضره ومستقبله، هذا هو الشأن مع مجموعة غير قليلة، بل كثيرة إلى حد كبير من المطربين الحاليين الذين أثروا الساحة الغنائية بغناء جميل حقاً، ما زلنا نعيش على ما احتفظت به التسجيلات، والسوشيال ميديا منه، ومن بين تلك النماذج العظيمة المطربة الكبيرة حقاً عفاف راضى، التى أمتعتنا حقاً بغناء جميل قدم روحاً جديدة للشعبيات إذ أصبحت أغانيها شعبيات جديدة تمثل حقاً الروح المصرية العبقرية، بغناء خفيف الظل.
الجميل فى صوت عفاف راضى أنها جمعت ما بين مسلمات الغناء الشرقى، واقتدارات الغناء الغربى، وتمكنت من خلال دراستها فى معهد «الكونسرفتوار» من أن تضفى لونها الخاص على ما تغنيه، رغم أنها لم تستفد كثيراً أو لم تضفِ الكثير من اللمحات والملامح على وجه غنائها من تقنيات الغناء الغربى، حفاظاً على الروح الشرقية التى لا تألف كثيراً من تألقات واستطاعات الغناء الغربى، فخافت من تجربتها التى بدأتها مع الموسيقار بليغ حمدى من أن تكون غريبة عن هذا الجمهور الشعبى المصرى.
وهذا لون ما أحوجنا إليه، بل نحتاج إليه فى تماهٍ وتمازج أكبر ما بين الشرقى والغربى، وكانت المطربة عفاف راضى بمثابة العودة إلى المسرح الغنائى الذى هُجر بعد توقف مبدعيه عنه وهجرانهم له، وكانت أعمالها السينمائية بمثابة توديع للفيلم الغنائى، إذ دخل بعدها فى مضيق أفلام المقاولات، وسيطرت شركات الكاسيت وقتها على مقدرات الفيلم الغنائى رغم كوننا حديثى عهد بصوت المطربة عفاف راضى، ولعل أمثلة من أغانيها كفيلة للدلالة على ما ذكرنا منها أغنية «أبعد يا حب» لمنير مراد و«عوج الطاقية» لمحمد الموجى و«الباقى هوه الشعب» كلمات الطويل و«بتسأل يا حبيبى» و«حبك أصيل» لعمار الشريعى وقائمة طويلة من الغناء الشعبى الراقى قدمه لها الموسيقار بليغ حمدى منها «يهديك يرضيك» و«جرحتنى عيونه السودة» و«يمكن» و«ردوا السلام» ويبقى سؤال واضح: هو أن هذه الأصوات التى اعتادت أن يطرق بابها كل مبدع جيد ومنتج مقتدر فى الستينيات والسبعينيات، هى الآن فى حاجة إلى تواجد هذا المنتج ومعه هذا المبدع كى يواصل هذا الصوت مشواره الجميل الذى بدأه، ولأن هذا المنتج غير متوافر أو مستعد الآن فعلى أجهزة الدولة أن تقوم بهذا الدور ونشره بكل وسائل النشر المتوافرة حالياً والمستحدثة مستقبلاً من أجل أن يتواصل الجمال.
عفاف راضى.. ويل للمطرب إن رضى بالصمت
عفاف راضى.. ويل للمطرب إن رضى بالصمت







0 تعليق