في ظل التطور المتسارع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، لم تعد المخاطر المرتبطة بها مجرد توقعات مستقبلية، بل تحولت إلى واقع ملموس يفرض نفسه بقوة على الحياة الرقمية لملايين المستخدمين حول العالم، فبينما ساهمت هذه التقنيات في تبسيط العديد من المهام اليومية وتسريع وتيرة العمل والإنتاج، تصاعدت في المقابل المخاوف المتعلقة بحماية الخصوصية الرقمية، وصعوبة التمييز بين المحتوى الحقيقي والمفبرك على الفضاء الإلكتروني.
ويشهد العالم حاليًا توسعًا غير مسبوق في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي داخل التطبيقات الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي وقطاعات العمل المختلفة، ما جعلها عنصرًا أساسيًا في الحياة اليومية، إلا أن هذا الانتشار الواسع فتح الباب أمام تحديات معقدة، أبرزها جمع وتحليل كميات هائلة من البيانات الشخصية دون وعي كافٍ من المستخدمين بطبيعة هذه البيانات أو آليات استغلالها.
تحذيرات هامة
وحذر خبراء أمن المعلومات من أن تقنيات الذكاء الاصطناعي لم تعد تقتصر على معالجة البيانات بشكل تقليدي، بل باتت قادرة على تحليل سلوك الأفراد والتنبؤ بقراراتهم، بل والتأثير على اختياراتهم من خلال الإعلانات الموجهة أو المحتوى المقترح. وأكد الخبراء أن هذا التطور يمثل تهديدًا مباشرًا للخصوصية الفردية، خاصة في ظل ضعف الوعي بأساليب الحماية الرقمية.
كما تتزايد المخاوف من قدرة الذكاء الاصطناعي على إنتاج محتوى مزيف يصعب التفرقة بينه وبين الحقيقي، مثل الصور ومقاطع الفيديو والأصوات المصطنعة بدقة عالية، وهو ما يهدد مصداقية المعلومات المتداولة عبر الإنترنت، ويجعل المجتمعات أكثر عرضة للشائعات وتزييف الواقع، بما ينعكس سلبًا على الرأي العام والاستقرار الاجتماعي.
ويرى المتخصصون أن خطورة هذه التقنيات لا تكمن في وجودها بحد ذاته، وإنما في سوء استخدامها وغياب الأطر التنظيمية التي تحكم عملها، ومع التسارع الكبير في التطور التكنولوجي، بات من الضروري رفع مستوى الوعي المجتمعي، من خلال فهم آليات عمل الذكاء الاصطناعي، ومعرفة حدوده، واتباع أساليب فعالة لحماية البيانات الشخصية.
إنتاج صور وأصوات شديدة الواقعية:
ومن جانبه، حذر المهندس عصام البرعي، خبير أمن المعلومات، من مخاطر الاستخدام غير الواعي لأدوات الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أنها أصبحت قادرة على إنتاج صور وأصوات شديدة الواقعية قد يصعب على المستخدم العادي التمييز بينها وبين الحقيقة. وأوضح أن هذا التطور يشكل تهديدًا مباشرًا للخصوصية، خاصة في ظل قدرة هذه الأدوات على جمع وتحليل كميات ضخمة من البيانات الشخصية في وقت قياسي.
وأضاف البرعي أن تقنيات الذكاء الاصطناعي لم تعد تكتفي بتجميع البيانات، بل أصبحت تحلل سلوك المستخدم وتحدد نقاط ضعفه النفسية وقدرته على اتخاذ القرار، ما يسمح لها بتكوين صورة دقيقة عن تفاصيل حياته اليومية، سواء على المستوى الأسري أو المهني، بل وتقديم اقتراحات قد تؤثر على توجهاته وسلوكياته.







0 تعليق