676 مليون امرأة مناطق النزاع بلا حماية

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كشفت تحقيقات صحفية وبيانات حقوقية عن واقع صادم تعيشه النساء والأطفال فى مناطق النزاعات المسلحة، حيث لم تعد المستشفيات وأجنحة الولادة ملاذاً آمناً بل تحولت فى كثير من الحالات إلى ساحات قتل مباشرة فى أوكرانيا وغزة والسودان وميانمار وجمهورية الكونغو الديمقراطية وغيرها من بؤر الصراع.

وصفت منظمات حقوق الإنسان ما جرى بأنه فظائع لا توصف ومثال صارخ على الانهيار شبه الكامل للحماية المفترضة للمدنيين، رغم أن جميع القوى الكبرى أطراف موقعة على اتفاقيات جنيف التى تلزم بحماية المستشفيات والطواقم الطبية.

تحقيق أجرته صحيفة الغارديان استند إلى بيانات منظمة Insecurity Insight غير الحكومية كشف عن نحو 300 هجوم وتعطيل لمرافق رعاية الأمومة والموظفين والنساء الحوامل خلال السنوات الثلاث الماضية، بينها ما لا يقل عن 119 هجوماً مباشراً استهدف مستشفيات وأجنحة ولادة.

وقعت غالبية هذه الهجمات فى أوكرانيا وغزة والسودان، حيث تحاصر مئات الآلاف من النساء الحوامل داخل مناطق الحرب دون إمكانية الوصول إلى رعاية صحية آمنة، ما أسفر عن مقتل نساء أو حرمانهن من العلاج أو إجبارهن على الولادة فى ظروف بالغة الخطورة.

تشير البيانات أيضاً إلى مقتل ما لا يقل عن 68 قابلة وطبيبة توليد وأخصائية أمراض نسائية، واختطاف 15 واعتقال 101 أثناء قيامهن بمساعدة النساء على الولادة. ونصف النساء اللواتى توفين أثناء الحمل أو الولادة العام الماضى كن يعشن فى مناطق نزاع.

فى قطاع غزة خلصت لجنة تابعة للأمم المتحدة إلى أن الهجمات على مرافق الصحة الإنجابية كانت من بين الأسباب التى دفعت إلى توصيف ما جرى بأنه أعمال إبادة جماعية، إذ دمرت أجنحة الولادة وحرمت النساء من الرعاية الأساسية. ورغم وقف إطلاق النار فى أكتوبر، يقول أطباء فى غزة إن النساء والأطفال ما زالوا يموتون نتيجة النقص الحاد فى الأدوية والمعدات الطبية، حيث أفاد مسئول أممى بتلقى تقارير عن نساء يلدن بين الأنقاض وعلى جوانب الطرق لعجزهن عن الوصول إلى المستشفيات.

الدكتور عدنان راضى، رئيس قسم أمراض النساء والتوليد فى مستشفى العودة، أكد أن أجنحة الولادة وغرف العمليات تعرضت لقصف مباشر بالصواريخ والقذائف، فيما شدد متحدث باسم الجيش الإسرائيلى على أن القوات لا تستهدف عمداً مرافق الأمومة ولا تسعى للتأثير على معدلات الولادة بين المدنيين.

فى أوكرانيا تضررت أو دمرت 80 منشأة على الأقل للولادة وحديثى الولادة منذ بداية عام 2022، ونقلت الغارديان عن أطباء على خطوط المواجهة أن عمليات الولادة باتت تجرى سراً بسبب الخوف، وأن الضغط النفسى الناتج عن الحرب تسبب فى زيادة مضاعفات الحمل. وفى مدينة خيرسون الجنوبية تضرر مستشفى الولادة خمس مرات منذ بدء الحرب، ويقول رئيس قسم التوليد بيترو مارينكوفسكى إن روسيا تستهدفهم عمداً، وهو ما تنفيه موسكو مؤكدة أنها لا تستهدف المدنيين.

أولغا بوتينكو، المديرة الطبية فى مركز رعاية ما حول الولادة فى سومى شمال شرق البلاد، أوضحت أن أى منشأة أصبحت معرضة للهجوم حتى مع محاولات الدفاع الجوى حماية البنية التحتية، موضحة أن إسقاط الطائرات المسيرة قد يؤدى إلى سقوط شظايا على المستشفيات نفسها.

وبحسب تقديرات دولية، تعيش أكثر من 676 مليون امرأة على مسافة لا تتجاوز 50 كيلومتراً من مناطق نزاع نشط دون وجود ضمانات حقيقية للمساءلة أو محاكمات لمرتكبى جرائم الحرب ضد المرافق الطبية. بايال شاه، المحامية فى منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان، ترى أن غياب المحاسبة خلق ثقافة إفلات من العقاب، معتبرة أن الاعتداءات على الرعاية الصحية الإنجابية، بما فى ذلك التعقيم القسرى أو منع الولادات، يمكن تصنيفها كأعمال إبادة جماعية تستهدف بقاء جماعات كاملة.

وفى السودان تقول منظمة الصحة العالمية إن المساعدات الإنسانية انقطعت عن مدينة الفاشر قبل فترة طويلة من الهجوم على مستشفى الولادة، مشيرة إلى ارتفاع حاد فى معدلات سوء التغذية خصوصاً بين النساء الحوامل والأطفال. وفى جمهورية الكونغو الديمقراطية، أدت محدودية المعلومات الواردة من مناطق سيطرة المتمردين إلى صعوبة التوثيق، لكن القصف الذى استهدف مدينة غوما فى يناير طال جناح حديثى الولادة فى مستشفى تشاريتى للولادة، ما أسفر عن مقتل أمهات وأطفال وممرضات وإغراق المرافق الطبية المجاورة بالمصابين أغلبهم من النساء والأطفال. أما فى ميانمار فقد تعرضت مرافق طبية للقصف واعتقل عشرات القابلات والمرضى، وقتل أو جرح كثيرون خلال العامين الماضيين فى سياق الحرب الأهلية المستمرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق