في شهادة تؤكد عمق العلاقات التاريخية والإنسانية بين البلدين، كشف فضيلة الشيخ الدكتور أحمد بن سعود السيابي، أمين عام مكتب الإفتاء في سلطنة عُمان، النقاب عن تفاصيل حميمة للتعاون المصري العُماني الذي تجاوز التحالفات السياسية ليكون شراكة مصيرية متجذرة في القلب والوجدان.
وصرح السيابي في حوار خاص لـ"الوفد": "نحن ومصر لا شك إخوان متواصلين من قديم الزمن.. ونموذج الهيكل لمكتب الإفتاء في سلطنة عُمان أخذناه من دار الإفتاء المصرية". وأضاف أنه قام بزيارة إلى عدة دول قبل إنشاء المكتب، ووجد أن النموذج المصري هو "الأنسب لهيكلة مكتب الإفتاء للسلطنة"، مما يوضح حجم الثقة والتأثير المصري في تأسيس المؤسسات الدينية العُمانية الحديثة.
ولم تكن الشهادة المؤسسية هي الوحيدة، بل كشف السيابي عن ذكريات شخصية تلامس القلب، قائلاً: "أنا درست الرياضيات على يد مدرس مصري، وأكن له كل الاحترام". هذه الكلمات البسيطة تختصر قصة آلاف المعلمين المصريين الذين كانوا رواد النهضة التعليمية في عُمان، حيث أشار إلى أن "أول دفعة من المدرسين في عهد النهضة، في عهد السلطان قابوس، جاءتنا من مصر".
وتابع بفخر: "في الثمانينيات والتسعينات، وصل عدد المعلمين المصريين بوزارة التربية والتعليم وحدها حوالي ٢١ ألف مدرس.. كانوا سفراء أخلاق وقدوة، فرغم هذا العدد الضخم لم تسجل عليهم أي ملاحظة سلبية واحدة.. بل تميزوا بالتواضع والأخلاق الرفيعة، منسجمين مع المجتمع العُماني".
ولعل أكثر ما يلفت الانتباه تلك المقولة الطريفة التي أشار إليها السيابي، والتي تتداولها الأوساط الدينية العُمانية: "من أراد أن يتولى منصباً دينياً رفيعاً في مصر فليعمل أولاً في عُمان". هذه المقولة تكشف عن مسار مهني مميز، حيث عملت عدد من الشخصيات الدينية المصرية البارزة في السلطنة قبل عودتها لتولي مناصب قيادية في مصر، مما يجعل من عُمان منصة لإثراء الخبرات وتبادل المعارف بين البلدين الشقيقين.
هذه الشهادات الحية لا تروي قصة تعاون ثنائي فحسب، بل تقدم نموذجاً فريداً للشراكة الحضارية القائمة على الاحترام المتبادل والثقة والتأثير الإيجابي المستدام، مما يجعل العلاقة بين القاهرة ومسقط نموذجاً يحتذى في العلاقات العربية-العربية.

















0 تعليق