أمازون تقلص وظائفها تحت ضغط الذكاء الاصطناعي

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تستعد شركة أمازون لتنفيذ موجة جديدة من تسريحات الموظفين داخل مقرها الأوروبي في لوكسمبورج، في خطوة تعكس التحولات العميقة التي يمر بها قطاع التكنولوجيا عالميًا، مع تسارع الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والأتمتة.

 ووفق تقارير متطابقة، تعتزم الشركة الاستغناء عن 370 موظفًا خلال الأسابيع المقبلة، وهو ما يمثل نحو 8.5 في المئة من إجمالي العاملين في هذا المقر الحيوي.

القرار يأتي بعد أشهر قليلة من إعلان أمازون، في أكتوبر الماضي، خطتها لتقليص عدد العاملين عالميًا بنحو 14 ألف وظيفة، ضمن استراتيجية أوسع لإعادة هيكلة الأعمال وتركيز الاستثمارات على تقنيات الذكاء الاصطناعي والحلول الآلية. 

ورغم أن الشركة كانت تخطط في البداية لتسريح 470 موظفًا في لوكسمبورج، فإن القوانين الصارمة للاتحاد الأوروبي أجبرتها على تقليص العدد بعد الدخول في مفاوضات مع ممثلي العاملين والجهات المعنية.

أمازون بررت هذه الخطوة في مذكرة داخلية وُجّهت إلى الموظفين بأنها “تعديلات تعكس احتياجات العمل والاستراتيجيات المحلية”، مؤكدة في الوقت نفسه أنها تقدم حزم تعويضات تفوق المعايير المتعارف عليها في سوق العمل داخل لوكسمبورج. ورغم هذا التأكيد، فإن القلق يسيطر على أوساط العاملين، خاصة في ظل محدودية فرص العمل داخل دولة صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها 680 ألف نسمة.

عدد من الموظفين عبّروا عن مخاوف حقيقية من صعوبة إيجاد وظائف بديلة في توقيت واحد، مع دخول مئات الأشخاص إلى سوق العمل المحلي في آن واحد. وتزداد الأزمة تعقيدًا بالنسبة للموظفين الذين انتقلوا من دول أخرى للعمل لدى أمازون، إذ تنص القوانين المحلية على ضرورة مغادرة البلاد خلال ثلاثة أشهر في حال عدم العثور على وظيفة جديدة، ما يضعهم أمام تحديات مهنية وإنسانية في الوقت نفسه.

ورغم هذه التخفيضات، من المتوقع أن تظل أمازون خامس أكبر جهة توظيف في لوكسمبورج بعد تنفيذ قرار التسريح، وهو ما يعكس الحجم الكبير للشركة وتأثيرها المباشر على سوق العمل المحلي. لكن هذا الواقع لا يقلل من حدة الصدمة التي يتلقاها العاملون، خاصة مع تكرار موجات خفض الوظائف في شركات التكنولوجيا الكبرى.

تقارير صحفية أشارت إلى أن الجزء الأكبر من التسريحات سيطال مطوري البرمجيات، في ظل اتجاه متسارع داخل صناعة التكنولوجيا للاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي في كتابة الأكواد وتنفيذ المهام البرمجية. هذا التوجه لا يقتصر على أمازون وحدها، بل بات سمة عامة في شركات التكنولوجيا العملاقة، التي ترى في الذكاء الاصطناعي وسيلة لخفض التكاليف وزيادة الكفاءة التشغيلية.

أمازون نفسها لم تُخفِ هذا التوجه، إذ سبق أن أعلنت عن خطط موسعة لتعزيز استخدام الروبوتات والأنظمة الآلية داخل مراكزها اللوجستية. بل إن تقارير سابقة حذّرت من أن توسع الشركة في الأتمتة قد يهدد مئات الآلاف من الوظائف في الولايات المتحدة وحدها على المدى المتوسط، وهو ما يفتح نقاشًا واسعًا حول مستقبل العمل في عصر الذكاء الاصطناعي.

في السياق الأوروبي، تكتسب هذه التطورات حساسية خاصة، نظرًا لقوة النقابات العمالية وتشدد القوانين التي تحكم عمليات التسريح الجماعي. ورغم أن هذه القوانين تمنح الموظفين قدرًا من الحماية مقارنة بأسواق أخرى، فإنها لا تمنع في النهاية الشركات من تنفيذ خططها إذا ما التزمت بالإجراءات القانونية وقدمت التعويضات المطلوبة.

خطوة أمازون الأخيرة تعكس معادلة صعبة تعيشها شركات التكنولوجيا الكبرى: كيف يمكن تحقيق التوازن بين الاستثمار في التقنيات الحديثة، والحفاظ على الاستقرار الوظيفي لآلاف العاملين؟ فبينما ترى الشركات أن الذكاء الاصطناعي ضرورة للبقاء في صدارة المنافسة، يدفع الموظفون ثمن هذا التحول في صورة فقدان الوظائف أو القلق المستمر بشأن المستقبل.

وفي ظل استمرار هذه التحولات، يبدو أن موجات تسريح العمال في قطاع التكنولوجيا لن تتوقف قريبًا، بل قد تصبح جزءًا من مشهد اقتصادي جديد، تُعاد فيه صياغة مفهوم العمل، وتُطرح أسئلة جوهرية حول دور الإنسان في عالم تقوده الخوارزميات والآلات الذكية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق