أكد الإعلامي الدكتور عمرو الليثي أهمية تطوير منظومة إعلامية مسؤولة تراعي طبيعة القضايا والتحديات التي يواجهها الشباب، خاصة ما يتعلق بجيل Z، مشددًا على أن هذا الجيل يتمتع بوعي وقدرة على المواجهة، لكنه في الوقت ذاته يعاني من ضغوط نفسية ومجتمعية متراكمة.
وأوضح الليثي، في تصريحات صحفية، أنه خلال مشاركته في إحدى الندوات الجامعية التي جاءت تحت عنوان «ماذا يريد جيل Z؟»، وجد نفسه أمام جيل مختلف، لا يخشى طرح الأسئلة ولا يتهرب من التحديات، إلا أنه يشعر في داخله بثقل توقعات الأسرة والمجتمع.
وأشار إلى أن الحوار مع الطلاب كشف عن عالم معقد يقف فيه الشباب بين واقع مليء بالصعوبات من جهة، وعالم افتراضي تصنعه وسائل التواصل الاجتماعي من جهة أخرى، بما يحمله من صور مثالية وضغوط نفسية.
وأشار إلى أن أبرز ما لفت الانتباه خلال النقاش هو حجم الضغط النفسي الذي يعايشه الشباب، حيث تحدث كثيرون عن شبح التنافسية الذي يلاحقهم في كل مراحل حياتهم، سواء على مستوى الدراسة أو العمل أو تطوير المهارات الشخصية، مؤكدين شعورهم الدائم بضرورة أن يكونوا الأفضل، وأن أي تقصير مهما كان بسيطًا قد يُفسر على أنه فشل، وهو ما يحول التحديات الطبيعية إلى أزمات نفسية حقيقية تستدعي اهتمامًا جادًا من المؤسسات المعنية.
وأضاف الليثي أن الطلاب تحدثوا أيضًا عن الفجوة الكبيرة بين الواقع الفعلي وصورة الحياة كما تُعرض على مواقع التواصل الاجتماعي، موضحين أن المقارنة المستمرة مع نماذج نجاح مبالغ فيها تولّد لديهم إحساسًا بعدم الكفاية والضغط وربما الإحباط، في ظل ما يواجهونه من صعوبات يومية لا تظهر على المنصات الرقمية.
وتطرق الحوار إلى دور الأسرة، حيث أكد المشاركون أن التدخل الزائد في تفاصيل حياتهم، سواء في اختيار التخصصات الدراسية أو رسم مسار الحياة، يؤدي في كثير من الأحيان إلى نتائج عكسية، قد تصل إلى الكبت والعزلة، وربما الانحراف، مشددين على أنهم لا يرفضون النصيحة بقدر ما يرفضون الفرض وغياب الحوار.
وشهدت الندوة حضورًا لافتًا للفتيات، اللاتي تحدثن بصراحة عن حجم التوقعات المجتمعية المفروضة عليهن، والنظرات المتربصة بهن في كل خطوة، وصعوبة تحقيق التوازن بين الدراسة والعمل والحياة الشخصية. كما ناقشن قضايا التنمر ورفض المجتمع للاختلاف، مؤكدات رفضهن لاستخدام الدين كأداة للضغط أو السيطرة، ومشدّدات على أن الدين في جوهره رحمة وعدل، وليس وسيلة لتقييد الأصوات.
ولم يغب عن النقاش الحديث عن المحتوى الرديء المنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وتأثيره السلبي في توجيه سلوك بعض الشباب ودفعهم إلى تقليده، وهو ما يعزز بحسب الليثي الحاجة إلى دور إعلامي أكثر وعيًا ومسؤولية تجاه ما يُقدَّم لهذه الفئة العمرية.
واختتم الدكتور عمرو الليثي تصريحاته بالتأكيد على أن جيل Z لا يطلب الكثير، بل يسعى فقط إلى أن يُسمع صوته ويُفهم قبل أن يُنتقد، وأن تتاح له مساحة للتعبير دون خوف، والانطلاق دون قيود تُكبّل طاقته.
مشيرًا إلى أن ما لمسه خلال الحوار يؤكد أن هذا الجيل ليس جيلًا ضائعًا، بل جيل واعي يبحث عن مكانه بثقة وصوت واضح يتحدى الظروف.

















0 تعليق