زوج «مريم» مسجل خطر

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كانت مريم، الفتاة العشرينية، تؤمن بأن الزواج شراكة هادئة قبل أن يكون عقدًا رسميًا؛ فنجان قهوة فى الصباح مع شريك الحياة، وكتف تتكئ عليها عند المساء.. هكذا رأت الزواج منذ طفولتها، بعدما عاشت داخل أسرة مستقرة وشاهدت معاملة والدها لوالدتها، فكبر داخلها حلم بسيط لا يعرف التعقيد.

لم تحلم بقصور ولا بوعود براقة، كل ما أرادته رجل «مستور» حسن السيرة، لا تسبقه همسات ولا تلاحقه الشبهات، وبيت هادئ يمتلئ بالأطفال والطمأنينة.

فى زفاف إحدى قريباتها، لفتت انتباه شاب بدا عليه الوقار، أعجب بها، وحاول التقرب منها، لكنها رفضت أى حديث خارج الأطر الرسمية، لم ييأس، بحث عن رقم أسرتها وتقدم لطلب يدها.

فى اللقاء الأول، بدا كل شيء منضبطًا: هدوء محسوب، ابتسامة لا تزيد ولا تنقص، وحديث عن “عمل حر” لا يثير الكثير من الأسئلة، لم يكن الشك ضيفًا مرحبًا به فى قلب مريم، فالقلب أحيانًا يوقّع العقود قبل أن يراجعها العقل.

تم الزواج سريعًا، وكأن الأيام كانت تركض، فى الأسابيع الأولى، كان الزوج كريمًا بالكلام، لكنه بخيل بالشرح، هاتفه لا يفارقه، وخروجه ليلًا بلا مبرر، حاولت الزوجة إقناع نفسها بأن هذه طباع الرجال، لكن شعور غامض ظل يطرق قلبها بلا توقف.

فى ليلة عاصفة، تغيّر كل شىء، طرق عنيف على الباب، لم يكن الطارق جارًا ولا قريبًا، رجال بملابس رسمية ووجوه لا تعرف المجاملة، سألوا عنه بالاسم الثلاثى.

ارتجفت الزوجة، حاولت استدعاءه من الغرفة المجاورة، لكنه كان قد اختفى، دقائق قليلة وغادروا، تاركين خلفهم بيتًا فارغًا إلا من صدى الحقيقة: الزوج «مسجل خطر» ومطلوب فى عدة قضايا.

بدأت الخيوط تنكشف بلا رحمة، أوراق مزورة، أسماء مستعارة، قضايا سرقة ومشاجرات، كل ما كان يُسمى “عملًا حرًا” تحول إلى سجل جنائى، شعرت مريم بأنها تزوجت ظلًا، وأنها كانت تعيش بجوار قنبلة موقوتة، الخوف لم يكن عليها وحدها، بل على سمعتها، وعلى أسرتها، وعلى مستقبل لم يكتمل.

عاد الزوج بعد أيام، وكأن شيئًا لم يكن، حاول التبرير، وسمّى الجرائم «أخطاء شباب»، وقال إن الماضى يجب ألا يقتل الحاضر، وإن زواجه بها كان بحثًا عن الأمان.

لم تتحمل الزوجة تلك الحياة فطلبت الطلاق، فرفض، وكشف عن وجه آخر أكثر قسوة، لم تتردد، وطردته من منزل أسرتها.

فى اليوم التالى، توجهت إلى محكمة الأسرة بخطوات ثابتة رغم ارتجاف الركبتين وتقدمت بطلب الخلع، دون مساومة أو تفاوض، حملت ملفًا صغيرًا يضم ما يثبت صدق روايتها، وقالت إن الحياة مع زوجها تحولت إلى تهديد يومى، وإن الثمن الذى ستدفعه لاستعادة نفسها أهون من عمر يُقضى فى انتظار كارثة.

تنازلت عن جميع حقوقها، لتحتفظ فقط بكرامتها، خرجت من التجربة بدرس قاسٍ وهو أن الطيبة دون وعى مخاطرة، والثقة العمياء قد تضع الإنسان فى دوائر لا نهاية لها، خاصة حين يُكتفى بكلام شخص عن نفسه دون بحث أو سؤال.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق