جاءت جولة الإعادة في الانتخابات البرلمانية هذه المرة محمّلة بدروس الماضي، بعدما أدرك الجميع أن احترام الدستور والقانون لم يعد خيارًا، بل ضرورة حتمية لضمان نزاهة العملية الديمقراطية، فالتزام الناخبين والمرشحين والهيئات القضائية بالقواعد المنظمة للانتخابات كان العامل الأهم في الحد من السلبيات التي شابت مراحل سابقة، وعلى رأسها تجاوزات الدعاية، واستغلال المال السياسي، ومحاولات التأثير غير المشروع على إرادة المواطنين.
أثبتت التجربة أن وعي الناخب بدوره، وتمسكه بحقه في اختيار من يمثله بعيدًا عن الضغوط والإغراءات، يشكّل حجر الزاوية في أي عملية انتخابية نزيهة.
وفي المقابل، فإن التزام المرشحين بقواعد المنافسة الشريفة واحترام سقوف الإنفاق والدعاية يعكس نضجًا سياسيًا مطلوبًا، لا يقل أهمية عن دور الهيئات القضائية التي تبقى الضامن الأول لسلامة الإجراءات وحماية صوت الناخب.
ولا يمكن إغفال أن المشهد الجديد الذي ساهم في رضا الشارع المصري جاء بعد تدخل حاسم من الرئيس عبد الفتاح السيسي، استجابةً لمطالب الشارع الذي عبّر بوضوح عن رفضه للخروقات والمال السياسي، وهذا التدخل أعاد الانضباط للمسار الانتخابي، ووجّه رسالة واضحة بأن الدولة تقف على مسافة واحدة من الجميع، وأن إرادة المواطن هي الفيصل، لا النفوذ ولا الأموال.
خروج نتائج جولة الإعادة معبّرة عن إرادة الناخبين يُعد مكسبًا سياسيًا مهمًا، يؤكد أن تصحيح المسار ممكن متى توافرت الإرادة والتزم الجميع بالقانون.
والرهان الحقيقي في المرحلة المقبلة هو تحويل هذه التجربة إلى قاعدة ثابتة، تضمن برلمانًا يعكس التنوع الحقيقي للمجتمع، ويعبّر بصدق عن تطلعات المصريين، في إطار دولة تحترم دستورها وتحمي خيارات مواطنيها.


















0 تعليق