استحواذ بـ4.75 مليار دولار.. كيف تراهن جوجل على الطاقة لإنقاذ مستقبل الذكاء الاصطناعي؟

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في خطوة تعكس حجم التحديات التي تواجه صناعة الذكاء الاصطناعي عالميًا، أعلنت شركة ألفابت المالكة لجوجل عن إتمام صفقة استحواذ ضخمة بقيمة 4.75 مليار دولار على شركة Intersect Power، المتخصصة في تطوير مراكز البيانات ومشروعات الطاقة النظيفة. الصفقة، التي جاءت نقدًا مع تحمّل ديون قائمة، لا تُعد مجرد توسع استثماري، بل تمثل استجابة مباشرة لأحد أخطر المخاوف التي عبّر عنها علنًا سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لجوجل، عندما قال بصراحة: “أقلق كثيرًا” من أزمة الطاقة التي قد تعرقل مستقبل الذكاء الاصطناعي.

خلال الأشهر الماضية، لم يُخفِ بيتشاي قلقه من أن تصبح الكهرباء هي نقطة الاختناق الرئيسية أمام نمو الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية. فمع التوسع الهائل في مراكز البيانات، وسباق الشركات الكبرى على تطوير نماذج أكثر تعقيدًا، بات الطلب على الطاقة يفوق قدرة شبكات الكهرباء التقليدية في كثير من المناطق. هذا الواقع، بحسب بيتشاي، لا يؤثر فقط على شركات التكنولوجيا، بل قد يحدد مستقبل النمو الاقتصادي العالمي وتوازن القوى بين الدول.

الاستحواذ على Intersect Power يمنح جوجل ما تحتاجه بالضبط في هذه المرحلة الحساسة. فالشركة المستحوذ عليها تمتلك خبرة عميقة في تطوير مشروعات طاقة ضخمة تعتمد على مصادر متعددة، تشمل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والبطاريات، وحتى الغاز، مع نموذج مبتكر يقوم على بناء محطات توليد الطاقة بجوار مراكز البيانات نفسها. هذا النهج يسمح لجوجل بتجاوز الضغط المتزايد على شبكات الكهرباء العامة، وضمان إمدادات مستقرة لمراكزها الحيوية.

وبموجب الصفقة، ستستفيد ألفابت من فريق هندسي متخصص، ومجموعة مشروعات قيد الإنشاء أو التطوير بقدرات تصل إلى عدة جيجاوات. كما ستتمكن جوجل من تنفيذ خططها الطموحة لبناء بنية تحتية متكاملة تجمع بين الحوسبة والطاقة في موقع واحد، وهو ما يُعد تحولًا استراتيجيًا في طريقة إدارة مراكز البيانات عالميًا.

سوندار بيتشاي كان قد اعترف مؤخرًا بأن جوجل تعاني بالفعل من قيود في الإمدادات هذا العام، خاصة في قطاع الحوسبة السحابية. وأوضح أن التوسع المتزامن لعمالقة التكنولوجيا أدى إلى تأخير مشروعات بسبب صعوبات الحصول على تصاريح البناء أو نقص العمالة المتخصصة مثل الكهربائيين. هذه التحديات، على حد وصفه، أصبحت “واقعًا نعيشه جميعًا”، لكنها قد تتفاقم بشكل أكبر إذا لم تُحل أزمة الطاقة بشكل جذري.

الصفقة تتضمن أيضًا استمرار Intersect Power كشركة مستقلة من حيث التشغيل، تحت قيادة مؤسسها والرئيس التنفيذي شيلدون كيمبر، مع شراكة وثيقة مع فرق جوجل للبنية التحتية. أولى ثمار هذا التعاون تظهر في مشروع ضخم قيد الإنشاء في مقاطعة هاسكل بولاية تكساس، ضمن خطة استثمارية أوسع لجوجل بقيمة 40 مليار دولار في الولاية حتى عام 2027.

ورغم ضخامة الصفقة، فإن بعض أصول Intersect الحالية في تكساس وكاليفورنيا لن تدخل ضمن الاستحواذ، وستظل الشركة مدعومة من مستثمرين كبار في مجال المناخ والبنية التحتية. هذا يعكس رغبة جوجل في التركيز على المشروعات المستقبلية المرتبطة مباشرة بتوسع الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، وليس فقط الأصول التشغيلية القائمة.

اللافت أن ألفابت أكدت في بيانها التزامها بتطوير تقنيات طاقة متقدمة، مثل الطاقة الحرارية الجوفية المتطورة، وأنظمة التخزين طويلة الأمد، وتقنيات احتجاز الكربون، إلى جانب استخدام الذكاء الاصطناعي نفسه لتسريع ربط محطات الطاقة الجديدة بالشبكات. هذه الرؤية تعكس إدراكًا بأن مستقبل الذكاء الاصطناعي لا ينفصل عن مستقبل الطاقة النظيفة والمرنة.

الصفقة، التي لا تزال خاضعة للموافقات التنظيمية، من المتوقع إتمامها في النصف الأول من عام 2026. وحتى ذلك الحين، تبقى رسالة جوجل واضحة: معركة الذكاء الاصطناعي القادمة لن تُحسم فقط بالخوارزميات أو الرقائق المتقدمة، بل بالكهرباء أيضًا. وفي عالم تتسارع فيه المنافسة مع قوى كبرى مثل الصين، يبدو أن ضمان الطاقة أصبح شرطًا أساسيًا للبقاء في الصدارة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق