أظهرت كوريا الشمالية تقدماً ملحوظاً فى مشروع بناء غواصة تعمل بالطاقة النووية، بعدما نشرت وسائل الإعلام الرسمية صوراً لما بدا أنه هيكل مكتمل إلى حد كبير لغواصة ضخمة قيد الإنشاء، بالتزامن مع تفقد الزعيم الكورى الشمالى كيم جونغ أون لموقع البناء، وتوجيهه انتقادات حادة لكوريا الجنوبية بسبب سعيها للحصول على التكنولوجيا نفسها بدعم أميركى.
وذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية أن «كيم» زار حوضاً لبناء السفن لم يتم الكشف عن موقعه لمتابعة سير العمل فى بناء الغواصة النووية من فئة 8700 طن، واصفاً المشروع بأنه خطوة حاسمة فى مسار تحديث وتسليح البحرية الكورية الشمالية نووياً، وتعزيز قدراتها الاستراتيجية. وأكدت الوكالة أن الغواصة ستكون جزءاً أساسياً من استراتيجية الردع النووى للبلاد، مشيرة إلى أن بيونج يانج تخطط لتسليحها بأسلحة نووية، ووصفتها بأنها غواصة صواريخ موجهة استراتيجية أو غواصة هجوم نووى استراتيجية.
وخلال تفقده لموقع البناء، وصف «كيم» جهود كوريا الجنوبية للحصول على غواصة نووية بدعم من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بأنها عمل هجومى خطير ينتهك بشكل صارخ أمن كوريا الشمالية وسيادتها البحرية، مؤكداً أن هذه الخطط تعزز الحاجة الملحة لتطوير وتسليح البحرية الكورية الشمالية نووياً. وأضاف أن اكتمال بناء الغواصة النووية الجديدة سيمثل تحوّلًا تاريخياً فى قدرة بلاده على الردع النووى فى مواجهة التهديدات المتزايدة من قبل الأعداء، مشيراً إلى أن التوازن العسكرى فى شبه الجزيرة الكورية والمنطقة لن يبقى على حاله.
ولم تحدد وكالة الأنباء الكورية الشمالية موعد زيارة «كيم» إلى حوض بناء السفن، لكنها نشرت صوراً تظهره وهو يتفقد سفينة ضخمة مطلية باللون الخمرى، ويبدو أنها مطلية بطبقة مضادة للتآكل، داخل قاعة تجميع كبيرة، بحضور كبار المسئولين وابنته. وتعد هذه المرة الأولى التى تنشر فيها وسائل الإعلام الرسمية صوراً تظهر كامل هيكل الغواصة منذ مارس الماضى، بينما كانت الصور السابقة تركز على الأجزاء السفلية فقط.
ولم يتضح بعد مدى قرب كوريا الشمالية من الانتهاء الفعلى من بناء الغواصة، إلا أن خبراء عسكريين أشاروا إلى أن ظهور الهيكل المكتمل إلى حد كبير قد يعنى تركيب العديد من المكونات الأساسية، بما فيها المحرك وربما المفاعل النووى. وقال مون كيون سيك، الخبير فى شئون الغواصات بجامعة هانيانج فى سيول والضابط السابق فى البحرية الكورية الجنوبية، إن الغواصات تُبنى عادة من الداخل إلى الخارج، وأن عرض السفينة كاملة فى هذه المرحلة يوحى بأن معظم المعدات الرئيسية تم تركيبها بالفعل. وأضاف أن الغواصة قد تكون قريبة من أن تصبح جاهزة للإطلاق فى الماء، مرجحاً إجراء اختبار بحرى لها خلال أشهر قليلة إذا استمر العمل بهذا الإيقاع المتسارع.
وتعتبر الغواصة النووية من الأهداف العسكرية الرئيسية فى أجندة كيم جونج أون، حيث كانت ضمن قائمة طويلة من الأسلحة المتطورة التى أعلن عنها خلال مؤتمر سياسى مهم عام 2021 لمواجهة ما وصفه بالتهديدات العسكرية المتزايدة من قبل الولايات المتحدة. وشملت القائمة صواريخ باليستية عابرة للقارات تعمل بالوقود الصلب، وأسلحة فرط صوتية، وأقمار تجسس صناعية، وصواريخ متعددة الرؤوس الحربية، ما يعكس طموح كوريا الشمالية لبناء ترسانة عسكرية متقدمة ومتنوعة.
ويرى خبراء أن امتلاك غواصة نووية قادرة على العمل بسرية لفترات طويلة وإطلاق الصواريخ من تحت سطح البحر يمثل تطوراً مقلقاً لدول الجوار، إذ يصعب رصد عمليات الإطلاق مسبقاً مقارنة بالمنصات البرية. ومع ذلك، تثار تساؤلات حول قدرة كوريا الشمالية، التى تخضع لعقوبات دولية وتعانى شح الموارد، على تطوير غواصة نووية متكاملة من حيث المفاعل والتقنيات المرتبطة به. ويعتقد بعض الخبراء أن التقارب الأخير بين كوريا الشمالية وروسيا، بما فى ذلك إرسال بيونج يانج آلاف الجنود والمعدات لدعم حرب الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى أوكرانيا، قد ساعد فى حصولها على تقنيات حيوية.
وفى حين يشتبه بعض المحللين فى أن كوريا الشمالية ربما حصلت على مفاعل نووى من روسيا أو غواصة روسية متقاعدة، يرى مون كيون سيك أن بيونج يانج صممت مفاعلها الخاص مع احتمال تلقيها دعماً تكنولوجياً روسياً.

















0 تعليق