شهدت العاصمة الليبية طرابلس فعاليات "أيام طرابلس الإعلامية" في نسختها الثالثة، متزامنةً مع حدث ثقافي بارز هو إعادة افتتاح المتحف الوطني الليبي في ميدان الشهداء، بعد إغلاق دام 14 عاماً.
حظيت الفعاليات بتغطية إعلامية واسعة، وبمشاركة رسمية رفيعة المستوى ضمّت وفداً من جامعة الدول العربية برئاسة السفير أحمد رشيد خطابي، رئيس قطاع الإعلام والاتصال بالجامعة.
تميّز حفل الافتتاح بعروض فنية وتاريخية جسدت عراقة ، بمزج تقنيات متطورة مع حكايات الأجداد، لتخرج في قالب مبهر تخللته فقرات استعراضية وسيفونية ، وأيضا فقرة غنائية حماسية بعنوان "أنا ليبي".
لحظة تاريخية واتفاقية مصرية
يشكل افتتاح المتحف الوطني يوم 12 ديسمبر 2025 لحظة تاريخية للبلاد.أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، في كلمته، على أهمية صون التراث الوطني وإحياء الذاكرة الجمعية، معتبراً هذا الصرح "خطوة جوهرية لإبراز تاريخ ليبيا". واختتم كلمته بعبارة "ليبيا لن تنكسر"، فاستحقت تصفيقاً عاصفاً من الجمهور الذي وقف وفي قلبه يتجدد أمل جديد لليبيا.
على هامش الملتقى، وقَّعت ليبيا ومصر بروتوكول تعاون بين مركز الاتصال الحكومي الليبي والشركة المتحدة للإنتاج السينمائي المصرية،في خطوة عملية لتعزيز التعاون الإنتاجي المشترك. كما شدد وزيرا إعلام الجزائر وسوريا، في جلسات المنتدى، على ضرورة وضع استراتيجية إعلامية عربية موحدة.
وفد عربي رفيع ومطالبات صارخة
شاركت الجامعة العربية بوفد رفيع المستوي ضم السفير خالد المنزلاوي الأمين العام المساعد، والسفير طلال المطيري مندوب الكويت، والوزير مفوض حيدر الجبوري مدير الأمانة الفنية لوزراء الإعلام العرب، والدكتور علاء الزود المستشار الإعلامي للمندوبية الأردنية، والمستشار بليغ المخلافي من مندوبية اليمن، وجاء ذلك بتنظيم مشترك بين الأمانة العامة لجامعة الدول العربية مع السفير عبد المطلب ثابت سفير ليبيا بمصر ومندوب ليبيا الدائم بالجامعة العربية.
اطلق السفير أحمد رشيد خطابي صرخة ضد التشويه مطالباً بحوار جريء مع الغرب، متحرر من جروح الماضي لتبديد الصور النمطية. ووجه انتقاداً لتيارات متطرفة تعمد عبثاً تشويه كينونتنا المجتمعية، وكشف عن استمرار الجهود المؤسسية العربية منذ عقدين، كاشفا عن الخطة الاستراتيجية الموحدة 2026-2031 التي تشمل محاور الإعلام والهجرة والشباب.
الرئيس يجيب
شهد المنتدى فقرة تفاعلية استثنائية بعنوان"الرئيس يجيب"، رد خلالها رئيس الحكومة مباشرة على أسئلة المواطنين عبر وسائل التواصل، في حوار أداره الإعلامي المصري محمود سعد. ووضع الدبيبة شعار المرحلة: "رفعنا شعار لا للقتل بين الليبيين"، مُعلناً رفضه لحكم البندقية ( الحكم بالسلاح)، كما نرفض الحكم الأيديولوجي ( الحكم الديني)، داعياً إلى الافراج عن الدستور ليتمكن كل ليبي أن يختار رئيسه".
ورداً على اتهامات "البذخ الحكومي"، نفاها قائلاً: "أدقق في كل دينار"، وكشف عن تحقيقات النائب العام مع وزراء، وإغلاق 22 سفارة في إطار خطة تقشف. ووجّه رسالة عاطفية للإعلام العربي قال فيها: "اتُهمنا كثيراً بالإرهاب.. نحن شعب طيب ندافع عن فلسطين ونموت لأجلها".
كما شهد الملتقى جلسات نقاشية شارك فيها الوزير أسامة هيكل رئيس قطاع الإعلام بمنظمة الإيسيسكو ووزير الإعلام المصري الأسبق، محذراً من إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي في التضليل وفي الوقت نفسه أشاد بدوره في اختصار الوقت والجهد.
وتحدثت الدكتورة حياة عبدون، كبيرة مذيعي التلفزيون المصري، عن مواصفات الشخصية الكاريزمية. كما ناقشت الدكتورة هويدا مصطفى عميدة كلية الإعلام بجامعة مصر، والكاتبة أمل محفوظ خبيرة الإعلام العربي، موضوع الهوية العربية وصناعة المحتوى، وشدد الوزير المفوض الدكتور حيدر الجبوري على ضرورة الحفاظ على الهوية من خلال التمسك باستخدام اللغة العربية الفصحى التي تواجه تحديات كبيرة في الإعلام الرقمي والعولمة التي تفرض استخدام اللهجات العامية والمزج اللغوي وتؤثر سلباً على أصالة اللغة، مما يتطلب محتوى هادفاً يجمع بين الأصالة والمعاصرة لحماية هذه الهوية وتعزيز الوعي الجمعي لأبناء أمتنا العربية.
وبهذا تقدم أيام طرابلس الإعلامية رسالة واضحة من قلب ليبيا إلى العالم العربي تؤكد فيها فتح آفاقاً جديدة للتعاون الثقافي المشترك ، وإن الشعب الليبي أمة واحدة ولكن الاختلاف بين السياسين وهذا ما أكده الدبيبة. وجاء نجاح هذا الملتقي، برعاية جامعة الدول العربية ومشاركة مصرية فاعلة، وهذا يؤكد أن الطريق إلى خطاب عربي موحد ومؤثر يمر عبر تعاون استراتيجي حقيقي، و مصر شريك في أي مشروع لإعادة صياغة صورتنا العربية أمام العالم.
















0 تعليق