كشف فضيلة الشيخ الدكتور أحمد بن سعود السيابي، أمين عام مكتب الإفتاء العُماني، النقاب عن السر وراء النموذج العُماني الفريد في التعايش بين المذاهب الإسلامية، مؤكداً أن "جميع المذاهب الإسلامية موجودة في عُمان - الإباضي والسني والشيعي - ويصلي أتباعها في مساجد واحدة، في إطار من الاحترام المتبادل".
وأرجع السيابي، في حوار مع "الوفد"، هذا النجاح إلى عاملين رئيسيين: أولاً التركيبة الإنسانية للشعب العُماني، حيث زرع الموقع الجغرافي والتاريخ التجاري البحري عبر القرون ثقافة الانفتاح على الآخر. وقال: "اختلط العُمانيون عبر القرون بشعوب مختلفة من شرق إفريقيا وآسيا، مما زرع فيهم تقبل الآخر والانفتاح على مختلف الأعراق والثقافات منذ القدم".
وثانياً: القرار السياسي الثابت، مؤكداً أن سياسة الدولة، منذ قيادة السلطان الراحل قابوس بن سعيد وحتى عهد السلطان هيثم بن طارق، جعلت من الاعتدال والتسامح وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول "مبادئً ثابتة لا تحيد عنها".
وأشار إلى نتيجة تاريخية بالغة الأهمية، قائلاً: "العُمانيون تعايشوا تاريخياً مع أتباع ديانات ومذاهب مختلفة، دون تسجيل مظلومية واحدة على أساس ديني أو مذهبي أو عرقي". وأكد أن هذا الإرث الإنساني العظيم تم تجسيده عملياً عبر "خطاب ديني موحد" في خطب الجمعة، يمثل "صمام أمان ضد التعصب والطائفية".
هذا النموذج لم يقتصر أثره على الداخل فحسب، بل انعكس على السياسة الخارجية، حيث أوضح السيابي أن "الاعتدال العُماني انعكس على السياسة الخارجية، التي تقوم على الحياد الإيجابي والوساطة". وأشار إلى دور السلطنة في وساطات إقليمية ودولية معقدة، كالوساطة بين الولايات المتحدة وإيران، وجهود الإفراج عن محتجزين في نزاعات مختلفة.
وأرجع نجاح هذه الوساطات إلى معادلة ثلاثية محكمة: "العدل، والوسطية، والثقة"، موضحاً أن "الوقوف على مسافة واحدة من الأطراف المتنازعة هو ما يمنح السلطنة مصداقيتها" ويجعلها طرفاً مقبولاً من الجميع.
















0 تعليق