حكم تغطية الرأس أثناء الإحرام خوفًا من البرد والمطر

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

حرم الشرع الشريف على الرجل تغطية رأسه أثناء الإحرام وسترها، وإن اضطر إلى ذلك واحتاج إليه لشدة برد، أو مرض أصابه في رأسه يحتاج معه إلى التغطية، فيجوز شرعًا سترها وتغطيتها، وتلزمه الفدية، وهي على التخيير: إما ذبح شاة، أو صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين.

معنى الإحرام للحج والعمرة وحكمه

والإحرام هو نية الدخول في مناسك الحج أو العمرة، أو التزام حُرُمات مخصوصة، والـمُحْرِم: هو مريد الإحرام المتلبس به، وهو ركن من أركان الحج والعمرة؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما". يُنظر: "حاشية ابن عابدين على الدر المختار" (2/ 479، ط. الحلبي)، و"شرح الشيخ زروق على متن الرسالة" (1/ 527، ط. دار الكتب العلمية)، و"حاشية الجَمَل" للشيخ سليمان الجَمَل الشافعي (2/ 407، ط. دار الفكر)، و"الروض المربع" لأبي السعادات البهوتي الحنبلي (ص: 285، ط. دار المؤيد).

حكم تغطية الرأس أثناء الإحرام

وإذا أحرم المكلَّف الرجل بالنُّسك فإنه يمنع عليه شرعًا أشياء كانت حلالًا له قبل إحرامه حتى يتحلل منه، ومن هذه المحظورات: أن يسترَ المُحرمُ رأسه أو بعضه؛ لنهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن لبس العمائم والبرانس للمحرم حال إحرامه.

والأصل في ذلك ما ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قام رجل فقال: يا رسول الله ماذا تأمرنا أن نلبس من الثياب في الإحرام؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَلْبَسُوا القَمِيصَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا العَمَائِمَ، وَلَا البَرَانِسَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ لَيْسَتْ لَهُ نَعْلَانِ، فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْ أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ» أخرجه الإمام البخاري.

فصرَّح النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث الشريف بالنهي عن أن يلبس الرجل العمائم والبرانس، وما يستر الرأس أو جزءًا منه.

الإحرام 
وقد أجمع الفقهاء على أنَّ إحرام الرجل في رأسه، وأنه ممنوعٌ من تغطيته حال إحرامه؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «وَإِحْرَامُ الرَّجُلِ فِي رَأْسِهِ» أخرجه الإمامان: الدارقطني في "سننه" مرفوعًا، والبيهقي في "السنن الكبرى" و"معرفة السنن والآثار" موقوفًا، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

قال الإمام ابن القطان في "الإقناع في مسائل الإجماع" (1/ 261، ط. الفاروق الحديثة): [وأجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من تخمير رأسه، لا أعلمهم يختلفون فيه. وأجمعوا على أن إحرام الرجل في رأسه، وأنه لا يغطيه؛ لنهيه عليه السلام] اهـ.

كما أن المحرم ممنوع من ارتداء شيء من المخيط الذي يصنع فيحيط بالجسد أو عضو من أعضائه فيستره؛ قال العلامة ابنُ عابدين الحنفي في "رد المحتار" (2/ 489): [الممنوعُ عنه: لبس المخيطِ اللُّبس المعتاد] اهـ.

وقال الإمام القرافي المالكي في "الذخيرة" (3/ 303، ط. دار الغرب الإسلامي) عند بيان أنواع المحظورات في الإحرام: [لُبس المخيط، وليس المراد خصوص المخيط، بل ما أوجب رفاهية للجسد كان مخيطًا أو محيطًا] اهـ.

وقال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 18، ط. دار الكتب العلمية): [(ولا يلبس المحرم الذكر مخيطًا) ولا ما في معناه مما يحرم على المحرم لبسه، (ولا يستر رأسه ولا وجه المحرمة)، أي: يحرم ذلك إبقاء لأثر الإحرام] اهـ.

وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 425، ط. عالم الكتب) في بيان محظورات الإحرام: [(الرابع: لبس الذَّكر المخيط قلَّ أو كثر في بدنه أو بعضه) مما عمل على قدره، أي: قدر الملبوس فيه من بدن أو بعضه، (من قميص وعمامة وسراويل وبرنس ونحوها، ولو درعًا منسوجًا أو لبدًا معقودًا ونحوه) مما يعمل على قدر شيء من البدن] اهـ.

حكم تغطية الرأس أثناء الإحرام خوفًا من البرد والمطر الشديد

واتفقوا الفقهاء على أن المحرم ممنوع من تغطية رأسه حال إحرامه حتى يتحلل منه، إلَّا أنهم أجازوا له ذلك عند الضرورة والحاجة، فمن احتاج إلى تغطية رأسه لمرض أصابه أو بردٍ شديد لا يقوى على تحمله لكبر سن أو غيره جاز له تغطية رأسه، مع وجوب الفدية عليه، وهي على التخيير: إما ذبح شاة، أو صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، ويجوز إخراجُ القيمة في الإطعام.

والأصل في ذلك ما روي عن كعب بن عجرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرَّ به زمنَ الحديبية، فقال: «قَدْ آذَاكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟» قال: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «احْلِقْ، ثُمَّ اذْبَحْ شَاةً نُسُكًا، أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ ثَلَاثَةَ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ» أخرجه الإمام مسلم.
 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق