عالم بالأوقاف يوضح.. كيف نستثمر رجب لاستقبال شهر رمضان؟

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أكد الدكتور أسامة فخري الجندي، من علماء وزارة الأوقاف، أن شهر رجب يُعد محطة أساسية في مسار التهيئة الروحية، ومرحلة إعداد نفسي وعملي لاستقبال المواسم الإيمانية الكبرى، وعلى رأسها شهر رمضان المبارك.

وأوضح الجندي، خلال حلقة من برنامج «مع الناس» على قناة الناس، أن فقه الزمن في العبادة يظهر جليًا في التشبيه الذي تناقله العلماء، حيث يكون رجب شهر الزرع، وشعبان شهر السقي، وتكون الثمار في رمضان، مشيرًا إلى أن هذا التدرج يُعلّم المسلم كيف يدخل إلى مواسم الطاعات بقلبٍ مهيأ ونفسٍ مدرَّبة.

القرآن يرسّخ معنى التدرج في الفلاح

وأشار إلى أن القرآن الكريم استخدم استعارة الفلاحة في قوله تعالى:﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ليؤكد أن الفلاح الحقيقي لا يتحقق دفعة واحدة، وإنما بعد زرع وبذل وعناية وصبر حتى تظهر الثمار، لافتًا إلى أن من يدخل رمضان دون إعداد مسبق في رجب وشعبان قد يُفاجأ بثِقَل الصيام والقيام وقراءة القرآن، فتتحول العبادة إلى مشقة لا لذة فيها.

رجب مرحلة الحرث وتهيئة القلوب

وبيّن الجندي أن شهر رجب يمثل مرحلة الإعداد العملي والتدريب الإيماني، تمامًا كحرث الأرض وإثارة تربتها قبل الزراعة، فالأرض التي لم تُحرث تظل صمّاء لا تُنبت، أما إذا أُعدّت جيدًا، فإن الجذر يجد مجالًا للامتداد وامتصاص الماء.

وأكد أن هذا المعنى هو المقصود بتهيئة النفس بالطاعات وترك الظلم والمعاصي، امتثالًا لقوله تعالى:
﴿فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾.

العمل الصالح يعود على صاحبه

وشدد على أن العمل الصالح لا يخرج من الإنسان ثم يضيع، بل يعود عليه نفعه في الدنيا وثوابه في الآخرة، مستشهدًا بقوله تعالى:
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.

فقه السلف في الاستثمار للآخرة

وأضاف أن السلف الصالح كانوا يدركون هذا المعنى العميق، مستشهدًا بقول الحسن البصري رحمه الله، حين كان يفرح بمن يأتيه طالبًا حاجة ويقول:«مرحبًا بمن جاء يحمل زادي إلى الآخرة بغير أجره».

وأكد أن المؤمن الحق لا يقف عند حدود النفع العاجل، بل ينظر بعين البصيرة إلى ما يدّخره عند الله سبحانه وتعالى، فكل عمل صالح يخرج من العبد يعود عليه بالخير في دنياه، وبالجزاء العظيم في أخراه.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق