أصبحت الشائعات والأخبار الكاذبة واحدة من أخطر أدوات زعزعة الاستقرار في المجتمعات الحديثة، خاصة مع الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي وسهولة تداول المحتوى دون تحقق. وفي ظل هذه التحديات، جاءت قرارات مجلس الوزراء المصري الأخيرة بشأن تشديد الغرامات وتعديل التشريعات المرتبطة بمكافحة الشائعات لتؤكد إدراك الدولة لحجم خطورة هذه الظاهرة على الأمن المجتمعي والاقتصاد الوطني.
وعلى مستوى التجارب الدولية، تبرز فنلندا كنموذج رائد عالميًا في مقاومة التضليل، إذ اعتمدت منذ سنوات على التربية الإعلامية المبكرة داخل المدارس، ما جعل مواطنيها الأكثر قدرة على التحقق من المعلومات وتحليل الأخبار وفق تقييم علمي للمصادر. كما تتميز فنلندا بدرجة عالية من الشفافية الحكومية التي تقلل من الفراغ المعلوماتي، وهو ما يخفض فرص انتشار الشائعات.
وفي سنغافورة، لعب قانون “مكافحة التضليل والتلاعب عبر الإنترنت” دورًا محوريًا في مواجهة الشائعات، إذ يلزم المنصات الرقمية بحذف المحتوى المضلل فورًا مع تمكين الجهات الحكومية من تصحيح المعلومات بشكل مباشر للمواطنين.
أما على مستوى التجارب الأوروبية، فقد حققت السويد نجاحًا ملحوظًا بفضل وعي مجتمعي مرتفع، ونظام إعلامي مهني يتمتع بالثقة، إلى جانب سرعة نشر المعلومات الرسمية، وهو ما يمنع تداول المعلومات المغلوطة.
وفي ألمانيا، تم سنّ قوانين صارمة تُجبر منصات التواصل على حذف المحتوى المضلل خلال وقت قصير، مع فرض غرامات كبيرة على الصفحات التي تُروّج للأخبار الكاذبة، خاصة خلال المواسم الانتخابية والأزمات، ما جعلها من الدول الأكثر صرامة على مستوى أوروبا في هذا المجال.
وتأتي القرارات المصرية—من تشديد الغرامات، ودعم دور المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، والإسراع في إصدار قانون تنظيم تداول المعلومات، وتنفيذ برامج تدريبية للعاملين بالدولة—لتضع أساسًا قويًا لبناء منظومة وطنية متكاملة لمواجهة الشائعات.
ولتحصين المجتمع المصري، لا بد من:
1. تعزيز الشفافية وسرعة توفير المعلومات.
2. نشر الوعي الإعلامي والرقمي لدى المواطنين.
3. تقوية دور الإعلام المهني القائم على التحقق.
4. إطلاق منصات رسمية تفاعلية للرد الفوري على الشائعات.
وتبقي كلمة:
إن مواجهة الشائعات ليست مسؤولية الحكومة وحدها، بل مسؤولية مشتركة تُسهم في حماية استقرار الوطن وتعزيز أمنه القومي.


















0 تعليق