خطة 2038 لاتحاد الكرة.. رؤية متأخرة أم محاولة للهروب من الحاضر؟

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أعلن الاتحاد المصرى لكرة القدم مؤخرًا عن خطة مستقبلية لتطوير الكرة المصرية تمتد حتى عام 2038، فى خطوة بدت – ظاهريًا – طموحة وطويلة المدى، لكنها فى جوهرها تفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة حول التوقيت، والجدية، والقدرة على التنفيذ، خاصة فى ظل الواقع المتراجع الذى تعيشه الكرة المصرية حاليًا.

أول هذه التساؤلات يتعلق بالتوقيت: لماذا الآن؟

فالاتحاد الحالى لم يتولِ مسؤولياته بالأمس، بل مرّت أكثر من سنة شهدت خلالها الكرة المصرية أزمات متلاحقة، وتراجعًا ملحوظًا فى مستوى المسابقات المحلية، واضطرابًا فى إدارة المنتخبات، وغيابًا واضحًا لأى مشروع متكامل. فإذا كانت هناك رؤية حتى 2038، فلماذا لم تُطرح منذ اليوم الأول لتولى المسؤولية؟ ولماذا لم يشعر بها الشارع الرياضى إلا بعد أن وصلت الحالة الفنية إلى مستوى بات مثيرًا للقلق، وهو ما انعكس بوضوح على أداء المنتخب فى فترات مختلفة، وأكده مؤخرًا مستوى حلمى طولان وجهازه؟

إن طرح خطة تمتد لـ12 عامًا فى ظل غياب إنجازات ملموسة على المدى القريب، لا يمكن قراءته بمعزل عن واقع الإدارة الحالى. فبدون كشف حساب حقيقى لما تم إنجازه وما فشل، تصبح الخطة أقرب إلى بيان إنشائى منها إلى مشروع قابل للتنفيذ، وتتحول من أداة إصلاح إلى وسيلة لتأجيل المحاسبة.

الأكثر إثارة للقلق هو التناقض الصارخ بين الحديث عن تخطيط طويل الأمد، وبين إدارة الملفات الحيوية بعشوائية واضحة. ففى الوقت الذى يتحدث فيه الاتحاد عن الاستقرار وبناء منظومة متكاملة، يتم تسريب خبر قوى حول عودة المدرب البرتغالى كارلوس كيروش، مصحوبًا بثلاثة مساعدين للإشراف على المنتخبات الوطنية، دون أى توضيح رسمى حاسم من الاتحاد، سواء بالنفى أو التأكيد.

ورغم نفى الخبر عن استحياء.. إلا إنه يطرح تساؤلًا بالغ الخطورة: كيف يمكن لمشروع يمتد حتى 2038 أن يبدأ بتشويش فنى وإعلامى يضرب استقرار المنتخب الأول؟ وكيف يُترك الجهاز الفنى الحالى، بقيادة حسام حسن، فى مواجهة هذا الجدل، دون دعم واضح أو حماية مؤسسية؟ ففى أى منظومة احترافية، يُعد الاستقرار الفنى شرطًا أساسيًا لأى عملية تطوير، وليس تفصيلًا ثانويًا.

إن استمرار هذا التضارب فى الرسائل لا يخدم إلا إرباك المنتخب، ويفتح الباب أمام سيناريو فشل مبكر، ترمى فيه تبعاته على الجهاز الفنى وحده، بينما تغيب المسؤولية الحقيقية عن متخذ القرار.

المشكلة الحقيقية لا تكمن فى طول الخطة الزمنية، بل فى مصداقيتها. فالتخطيط للمستقبل لا يُقاس بعدد السنوات المكتوبة فى البيانات، بل بمدى النجاح فى إدارة الحاضر. والاتحاد الذى يعجز عن فرض الانضباط والوضوح اليوم، لن ينجح فى بناء منظومة مستقرة بعد عشر سنوات.

الكرة المصرية لا تحتاج إلى وعود مؤجلة أو عناوين براقة، بل تحتاج إلى إدارة شفافة، تحاسب نفسها قبل أن تطلب ثقة الجماهير، وتحمى منتخباتها من الفوضى، وتضع حدًا لسياسة رد الفعل والتجارب المؤقتة.

أما عام 2038، فلن يكون محطة نجاح حقيقية، ما لم يبدأ الإصلاح الجاد من الآن، وبأفعال واضحة، لا ببيانات فضفاضة.

أخيراً.. البطولة الأفريقية ليست ساحة لإثبات النوايا، بل لاختبار الجاهزية، والالتزام، والقدرة على اتخاذ القرار الصحيح.. حينها سيعمل الجهاز الفنى واللاعبون بروح واحدة، وبقيادة مستقرة داخل الملعب، فيصبح الوصول بعيدًا فى البطولة نتيجة منطقية للعمل، لا مجرد أمنية.

كل الدعم والدعاء والأمنيات الطيبة والتوفيق لمنتخب مصر الأول.

[email protected]

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق