وجه فضيلة الشيخ الدكتور أحمد بن سعود السيابي، أمين عام مكتب الإفتاء العُماني، رسالة محورية للشباب العربي والإسلامي، دعاهم فيها إلى التمسك بالوعي والمعرفة، وعدم الانسياق وراء الشائعات أو الخطاب المتطرف الذي يستغل القضايا العادلة لتحقيق أهداف هدامة.
قال السيابي خلال حواره مع "الوفد"، أن "نصرة القضايا الكبرى، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، تبدأ ببناء الإنسان الواعي القادر على التمييز، والعمل الجاد، والإسهام الإيجابي في مجتمعه". وأكد أن الشباب هم ركيزة الحاضر وصنّاع المستقبل، وأن مسؤوليتهم الأخلاقية والوطنية تفرض عليهم الدفاع عن الحق بالعلم والحكمة والسلوك الرشيد.
وكشف عن الآلية العُمانية لحماية الناشئة، مشيراً إلى برامج توعوية مثل "هوية وحضارة" و"حضارة وفكر" التي تهدف إلى ترسيخ القيم العربية والإسلامية الأصيلة في نفوس الناشئة، ومواجهة التحديات الأخلاقية والسلوكية التي تهدد المجتمعات، مثل مخاطر المخدرات.
وأوضح أن هذه البرامج جزء من رؤية شاملة تجعل من الاعتدال العُماني صمام الأمان الذي يحفظ تماسك المجتمع ويضمن استقراره في عالم متغير، معتبراً أن هذا النهج هو الضمانة الحقيقية ضد محاولات الاختراق الفكري والانحراف السلوكي.
كشف أمين عام مكتب الإفتاء العُماني، النقاب عن السر وراء النموذج العُماني الفريد في التعايش بين المذاهب الإسلامية، مؤكداً أن جميع المذاهب الإسلامية موجودة في عُمان - الإباضي والسني والشيعي - ويصلي أتباعها في مساجد واحدة، في إطار من الاحترام المتبادل
وأوضح أن سياسة الدولة، منذ قيادة السلطان الراحل قابوس بن سعيد وحتى عهد السلطان هيثم بن طارق، جعلت من الاعتدال والتسامح وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول مبادئً ثابتة لا تحيد عنها.
وأشار إلى نتيجة تاريخية بالغة الأهمية، قائلاً: "العُمانيون تعايشوا تاريخياً مع أتباع ديانات ومذاهب مختلفة، دون تسجيل مظلومية واحدة على أساس ديني أو مذهبي أو عرقي". وأكد أن هذا الإرث الإنساني العظيم تم تجسيده عملياً عبر "خطاب ديني موحد" في خطب الجمعة، يمثل "صمام أمان ضد التعصب والطائفية".
وقال أمين عام مكتب الإفتاء بسلطنة عُمان: “ إن الوزارة تشرف على المساجد وتوزيع الخطب، وتحرص على أن يكون الخطاب موحدًا في جوهره، يركز على القيم المشتركة والأخلاق وخدمة المجتمع، ويتجنب تمامًا الطعن في المعتقدات الأخرى أو التمييز بين المذاهب"، مؤكد أن الدستور والقوانين تحمي هذا التنوع، حيث يمنع بشكل قاطع أي خطيب من الخوض في الخلافات المذهبية أو القبلية أو السياسية على المنابر،
النتيجة: صلى الإباضي وراء الشافعي، والشافعي وراء الجعفري، في سلام وطمأنينة، و هذا هو الإسلام الحقيقي.
هذه الرسالة تأتي في سياق النموذج العُماني الشامل الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ويقدّم الاعتدال ليس كخيار سياسي مؤقت، بل كمنهج حياة متجذر في التاريخ والثقافة والرؤية المستقبلية، مما يجعله درعاً واقياً للأجيال الجديدة في عصر تتقاذفه التيارات المتطرفة من كل اتجاه.


















0 تعليق