حسمت دار الإفتاء المصرية الجدل الدائر حول اشتراط الوضوء لذكر الله تعالى، مؤكدة أن اشتراط الوضوء للذكر غير صحيح شرعًا، ويجوز للمسلم أن يذكر الله في جميع أحواله، سواء كان على وضوء أو غير وضوء، دون حرج أو إثم.
الذكر لا يتوقف على الطهارة
أوضحت دار الإفتاء أن الذكر عبادة واسعة لا تُقيَّد بالوضوء، مشيرة إلى أن المسلم يجوز له أن يذكر الله تعالى في كل حالاته، إلا في حالات مخصوصة كحال الجلوس على النجاسات أو التواجد في الأماكن المستقذرة، صيانة لحرمة الذكر لا اشتراطًا للطهارة.
وأكدت أن اشتراط الوضوء على الناس لأجل الذكر يعد أمرًا لم يأت به الشرع، ولا يجوز إلزام الناس به، لأنه يدخل في باب التشريع بغير دليل.
ما المراد بالذكر؟
بيّنت دار الإفتاء أن الذكر هو كل ما يجري على اللسان والقلب مما يُقصد به تعظيم الله تعالى، كالتسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، وتلاوة القرآن الكريم.
وأوضحت أن الذكر باللسان عبادة يثاب عليها المسلم، ويكون الذكر أكمل إذا اجتمع معه حضور القلب، أما الذكر بالقلب فهو التفكر في دلائل عظمة الله وصفاته، والتأمل في أسرار الخلق وأحكام الشرع.
فضل الذكر في السنة النبوية
وأشارت دار الإفتاء إلى ورود نصوص كثيرة في فضل الذكر وأهله، مستشهدة بحديث السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت:«كان رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم يذكر الله على كل أحيانه»رواه أصحاب الكتب الستة إلا النسائي.
وهو حديث صريح يدل على أن الذكر لا يختص بحالة الطهارة فقط.
كيف يُفهم حديث كراهة الذكر بغير وضوء؟
وتناولت دار الإفتاء حديث المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه، أنه سلّم على النبي ﷺ وهو يتوضأ فلم يرد عليه حتى فرغ من وضوئه، ثم قال:«كرهت أن أذكر الله وأنا على غير طهارة».
وبيّنت أن هذا الحديث لا يدل على التحريم، وإنما يُحمل على الكراهة التنزيهية أو على الأفضلية، لا على الوجوب أو الاشتراط.
الجمع بين الأحاديث عند العلماء
وأوضحت دار الإفتاء أن العلماء جمعوا بين الأحاديث الواردة في هذا الباب، فذهبوا إلى أن الذكر يجوز مع الحدث الأصغر بل والأكبر، باستثناء حالة الجنابة عند قراءة القرآن فقط.
واستشهدت بما ورد عن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن النبي ﷺ لم يكن يحجبه عن القرآن شيء إلا الجنابة، والقرآن أشرف الذكر، فإذا جازت سائر الأذكار بغير وضوء فمن باب أولى.
ونقلت عن الإمام الشوكاني في نيل الأوطار أن حديث كراهة الذكر بغير وضوء محمول على الكراهة التنزيهية، لا التحريم، وأن الأصل جواز الذكر في كل الأحوال.
الوضوء مستحب للذكر لا شرط له
وأكدت دار الإفتاء أن الفقهاء نصوا على أن الوضوء للذكر مستحب وليس شرطًا، والفرق بين الاستحباب والاشتراط فرق جوهري؛ إذ إن الاستحباب يعني جواز الذكر بغير وضوء، بينما الاشتراط يعني عدم صحة الذكر إلا به، وهو ما لم يقل به أحد من أهل العلم.


















0 تعليق