انطلقت «أيام طرابلس الإعلامية 2025» تحت هدف واضح هو «حوار لا مواجهة»، ساعية إلى قلب صفحة الخطاب الدفاعى العربى أمام الغرب ولم يكتف الملتقى بالشعارات، بل قدم خطوات عملية كالتعاون الليبى المصرى، وخطة إعلامية عربية استراتيجية.
ومن قلب الحدث، تصدرت مواقف حاسمة رافضة للاستعلاء الغربى ومصرحة برفض حكم البندقية أو الأيديولوجيا، داعية إلى الحكم بالدستور، واختتمت الفعاليات برسالة ثقافية قوية بإعادة افتتاح المتحف الوطنى، مؤكدة عودة الحياة لطرابلس كمنصة للحوار والهوية.
وعلى هامش فعاليات الملتقى وقعت ليبيا ومصر بروتوكول تعاون بين مركز الاتصال الحكومى الليبى والشركة المتحدة للإنتاج السينمائى المصرية، فى خطوة عملية لتعزيز التعاون الإنتاجى المشترك. كما شدد وزيرا إعلام الجزائر وسوريا، فى جلسات المنتدى، على ضرورة وضع استراتيجية إعلامية عربية موحدة.
وأطلق السفير أحمد رشيد خطابى، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، صرخة ضد التشويه ومطالباً بحوار جرىء مع الغرب متحرر من جروح الماضى لتبديد الصور النمطية، ووجه انتقاداً لتيارات متطرفة تعمد عبثاً تشويه كينونتنا المجتمعية، وكشف عن استمرار الجهود المؤسسية العربية منذ عقدين، كاشفاً عن الخطة الاستراتيجية الموحدة 2026-2031 التى تشمل محاور الإعلام والهجرة والشباب.
وقال خطابى فى كلمته الافتتاحية التى أثارت التفاعل: «نفى الاختلاف أخطر من الخلاف نفسه.. العالم العربى لم يعد قادراً على الاستمرار فى حوارات شكلية». مؤكداً أن أى حوار يفتقد الثقة والاحترام المتبادل «يفقد معناه»، فى إشارة واضحة إلى رفض منطق الاستعلاء أو التعصب فى الحوار مع الغرب.
وأكد خطاب أن المصداقية مشروطة بالثقة والاحترام المتبادل، قائلاً: العالم العربى الذى قدم نموذج الأندلس التاريخى للتعايش، مدعو اليوم لحوار صريح وحر مع الغرب، لتفكيك الصور النمطية التى تستهدف هويتنا، مؤكداً أن العالم العربى لم يعد قادراً على الاستمرار فى حوارات شكلية أو خطاب دفاعى مرتبك.
وفى الحفل الختامى لحفل «أيام طرابلس الإعلامية ٢٠٢٥»، جاءت فقرة تفاعلية استثنائية هى الأكثر مباشرة، خاطب رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبدالحميد الدبيبة، الشعب فى فقرة بعنوان «الرئيس يجيب» أدارها الإعلامى المصرى محمود سعد، مجيباً على أسئلة نقلت نبض الشارع الليبى والعربى وانتقاداته.
أطلق الدبيبة صيحة تحذير قائلاً: «رفعنا شعار لا للقتل بين الليبيين. حروب مع العدو جاهزين». وكشف أنه فى أول زيارة له لمجلس النواب بطرابلس قال لأعضائه : «كفا حروب.. كفا قتل»، مشيراً إلى وجود كثير من تجار السلاح والمال السياسى لا يريدون وقف الحرب.
وحذر رئيس الوزراء من توجهين يهددان مستقبل البلاد، قائلاً: «هناك من يريد أن يحكم ليبيا بقوة السلاح، وهناك من يريد حكم ليبيا بشكل إيديولوجى دينى» فى المقابل، قدم مشروعه السياسى البديل بصيغة بسيطة وحاسمة: «قلنا لا نريد حكم البندقية أو الأيديولوجيا.. نريد دستوراً لكل ليبيا»، وطالب بالإفراج عن الدستور الذى تم الانتهاء منه منذ فترة.
ورداً على اتهامات «البذخ الحكومى»، نفى ذلك وذكر أن الحكومة تسير بسياسة تقشفية، وقال: «نحن نحاول التقشف وأغلقنا 22 سفارة». كما استعرض التحديات التاريخية التى أثرت على التنمية، بما فى ذلك الحصار الدولى السابق.
وفى ملف الفساد، أعلن عن إجراءات محاسبة جارية، قائلاً: «النائب العام يحقق مع وزراء فى الحبس». وأضاف بلهجة حازمة: «لن أدافع عنهم، رغم أن لديه الحصانة.. من يتحمل الفساد يحاسب».
ووجه الدبيبة رسالة مصالحة داخلية، داعياً إلى التوحد على قيم الإسلام السمحة التى تدعو إلى التسامح والمحبة، ورفض التشدد، معترفاً بأن أفكاراً «متشنجة» دخلت بعد الثورة. وأكد: «نحن مسلمون.. نتوحد على الدين بطريقة نحب بعضنا» معرباً عن آسفة بعدم مشاركة منتخب بلاده لكأس العالم.
كما خصص رسالة قوية للإعلام العربى، دحض فيها الصورة النمطية وقال: «هناك جرائم وصور نمطية تنسب لشعبنا، وهى جرائم لا ننتمى إليها» ودعا وسائل الإعلام إلى زيارة ليبيا للتعرف على واقعها، مؤكداً أن الشعب الليبى شعب طيب يدافع عن القضية الفلسطينية ويحب مصر.


















0 تعليق