يرفض المشككون معجزة الإسراء والمعراج؛ لأنها تخالف القوانين الطبيعية، ويرون أنه من المستحيل أن تتم رحلة النبي ﷺ إلى القدس والسماوات ثم يعود في ليلة واحدة.
معجزة الإسراء والمعراج
ويزعم المشككون في معجزة الإسراء والمعراج أنها غير منطقية وتخالف ما هو مألوف، يركزون بشكل خاص على فكرة أن رحلة النبي ﷺ إلى بيت المقدس ثم إلى السموات السبع وعودته في جزء من ليلة واحدة، بينما لا يزال فراشه دافئًا، هو أمر مستحيل.
الرد المختصر على شبهة معجزة الإسراء والمعراج
ورحلة الإسراء والمعراج هي معجزة إلهية، والمعجزات بطبيعتها تتجاوز حدود الزمان والمكان والتفسير العقلي البشري. إنها دليل على قدرة الله المطلقة وتأييده لنبيه.
كما إن الاعتراض على كثرة الأحداث التي وقعت في رحلة الإسراء والمعراج مقابل قلة الزمن الذي استغرقته، هو دليل على سوء فهم طبيعة المعجزات. فلو كانت هذه الأحداث تخضع للقوانين الطبيعية، لما كانت معجزة أصلاً. المعجزات هي آيات إلهية تُظهر قدرة الخالق المطلقة، وقد أثبت الله وقوعها بالقرآن الكريم المتواتر والأحاديث الصحيحة المشهورة، مما يجعل التصديق بها واجبًا على كل مؤمن.ولتقريب الفكرة إلى الأذهان، يمكننا النظر إلى إنجازات البشر أنفسهم. فإذا كان الإنسان قد صنع طائرات وصواريخ تقطع آلاف الأميال في زمن قليل، فكيف يستبعد العقل أن يسخر الله، خالق القوى والقدر، لنبيه "البراق" الذي يقطع هذه المسافة في زمن أقل؟ إننا لا نساوي بين قدرة الله وقدرة البشر، بل نستخدم هذا المثال لتوضيح أن ما يُعد مستحيلاً في نطاق القدرة البشرية ليس كذلك في نطاق القدرة الإلهية.لإزالة الحيرة التي تبعثها هذه المعجزة في العقول.
ويقدم القرآن الكريم مثالين واضحين يوضحان مفهوم التحكم الإلهي في الزمن، وهما:
- قصة العزير: أماته الله مائة عام، ولما بعثه وجد طعامه وشرابه لم يتغيرا، بينما بلي حماره وتحلل، هذا يدل على أن الله قادر على إيقاف الزمن على شيء دون شيء آخر، وهذا ما جسده السياق القرآني في قوله: ﴿أَوۡ كَٱلَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرۡيَةٖ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحۡيِۦ هَٰذِهِ ٱللَّهُ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۖ فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِاْئَةَ عَامٖ ثُمَّ بَعَثَهُۥۖ قَالَ كَمۡ لَبِثۡتَۖ قَالَ لَبِثۡتُ يَوۡمًا أَوۡ بَعۡضَ يَوۡمٖۖ قَالَ بَل لَّبِثۡتَ مِاْئَةَ عَامٖ فَٱنظُرۡ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمۡ يَتَسَنَّهۡۖ وَٱنظُرۡ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجۡعَلَكَ ءَايَةٗ لِّلنَّاسِۖ وَٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡعِظَامِ كَيۡفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكۡسُوهَا لَحۡمٗاۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُۥ قَالَ أَعۡلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ﴾ [البقرة: ٢٥٩].
- قصة أصحاب الكهف: ناموا في كهفهم ثلاثمائة عام، ولما استيقظوا ظنوا أنهم لبثوا يومًا أو بعض يوم، وهذا يؤكد أن الله قادر على إيقاف الزمن على مجموعة من الأشخاص بينما يستمر الزمن في العالم الخارجي، وقال الله تعالى في حقهم ﴿وَلَبِثُواْ فِي كَهۡفِهِمۡ ثَلَٰثَ مِاْئَةٖ سِنِينَ وَٱزۡدَادُواْ تِسۡعٗا﴾ [الكهف: ٢٥]
الحكمة من طول رحلة الإسراء والمعراج
ورحلة الإسراء والمعراج لم تكن مجرد قطع للمسافات، بل كانت رحلة رؤية، فالوقت لم يستغرقه الانتقال نفسه، بل استغرقته المشاهدات التي رآها النبي ﷺ من آيات وعجائب في ملكوت السموات، وحواره مع الأنبياء، ولقائه بربه في الحضرة المقدسة، هذه المواقف الروحية هي التي استغرقت بعضا من الزمن.
وعليه، فإن الإسراء والمعراج هي آية إلهية تثبت أن قدرة الله فوق كل شيء، فهو المقدِّر للزمان والمكان، وإن من ينكر هذه المعجزة لا يعترض على سيدنا محمد ﷺ نفسه، بل يعترض على قدرة الله -تعالى- المطلقة الذي قال في كتابه الكريم: ﴿سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا﴾ [الإسراء: ١] "، وقدرته -تعالى- لا يحدها شيء.








0 تعليق