لقد عنى الإسلام بالزمن عناية خاصة، يقول الحق سبحانه: «وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا» (الإسراء: 12)، ويقول سبحانه: «وَهُوَ الَّذِى جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أو أَرَادَ شُكُورًا» (الفرقان: 62)، ويقول سبحانه: «وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ لَا الشَّمْسُ يَنبَغِى لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ» (يس: 38 – 40)، ويقول نبينا الكريم (صلى الله عليه وسلم): «اغتنِمْ خمسًا قبل خمسٍ: شبابَك قبل هَرَمِك، وصِحَّتَك قبل سَقَمِك، وغناك قبل فقرِك، وفراغَك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك» (أخرجه البيهقى)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): «بادِرُوا بِالأعمالِ سبعًا، هل تَنظُرُونَ إلَّا فَقرًا مُنْسِيًا، أو غِنًى مُطْغِيًا، أو مَرَضًا مُفسِدًا، أو هَرَمًا مُفَنِّدًا، أو مَوتًا مُجْهِزًا، أو الدَّجالُ، فشَرُّ غائِبٍ يَنتَظِرُ، أو الساعةُ، فالساعةُ أدْهَى وأمَرَّ» (رواه الترمذى)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): «لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يسألَ عن عمرِهِ فيما أفناهُ، وعن عِلمِهِ فيمَ فعلَ، وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيما أنفقَهُ، وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ» (رواه الترمذى).
وفى بعض الخطب المأثورة: أيها الناس؛ إن لكم معالم، فانتهوا إلى معالمكم، وإن لكم نهاية، فانتهوا إلى نهايتكم، إن المؤمن بين مخافتين: أجل قد مضى، لا يدرى ما الله صانع فيه؛ وأجل قد بقى، لا يدرى ما الله تعالى قاضٍ عليه فيه.
فليأخذ العبد لنفسه من نفسه، ومن دنياه لآخرته؛ ومن الشبيبة قبل الكبر، ومن الحياة قبل الموت، فما بعد الموت من مستعتب، ولا بعد الدنيا دار، إلا الجنة أو النار.
وها نحن بين عامين عام آذن بالانقضاء وآخر على الأبواب، فعلينا أن نستقبل عامنا الجديد بمزيد من المجد وهمة أصحاب العلا فى العبادة والعمل، فى أمور ديننا وأمور دنيانا، وعلينا أن نعمر فيه الدنيا بالدين، مدركين أن الدين فن صناعة الحياة، وعمارة الكون، وصنع الحضارات، لا صناعة الموت، ولا الهدم ولا التخريب، وعلينا أن نستقبله بمزيد من الأمل، وطاقة واسعة من التفاؤل، تفاءلوا بالخير تجدوه، وأن نبذل وسعنا وطاقتنا للحفاظ على أمن وطننا واستقراره والوفاء بحقه والعمل على تقدمه ورقيه، مدركين أن مصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان، وأن الوطن تاج عز وفخار على رءوس الوطنيين الشرفاء، وأن الحر الشريف يفتدى وطنه بنفسه وكل ما يملك، وأن الشهادة فى سبيل الوطن عز وشرف.
وعلينا أيضًا أن نحاسب أنفسنا على ما مضى فى عامنا المنقضى، فما وجدنا فيه من خير حمدنا الله عليه وسألناه الثبات على الحق والخير والزيادة منه، وما وجدنا غير ذلك ندمنا عليه، واستغفرنا الله منه، وعزمنا على الإقلاع عنه، وعدم العودة إليه، وجددنا نيتنا مع الله عز وجل وعهدنا معه على الطاعة له والاجتهاد فيها.
وبمناسبة استقبالنا جميعا عاما ميلاديا جديدا (عام ٢٠٢٦) فإنه ليسرنى أن أهنئ جميع الكنائس المصرية وكنائس العالم كله بالعام الميلادى الجديد وذكرى ميلاد السيد المسيح عليه السلام، كل عام وهم جميعا ومصرنا العزيزة بأهلها جميعا بمساجدها وكنائسها وكل أبنائها الوطنيين بخير وسلام فى أمن وأمان وراحة بال.
مرحبا بالعام الجديد، اللهم اجعله عام خير ويمن وبركة على مصر وأهلها أجمعين وعلى أمتنا العربية والإسلامية وعلى البشرية جمعاء.
الأستاذ بجامعة الأزهر


















0 تعليق