الأموال الساخنة… مسكّن خطير يهدد الاقتصاد المصري

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف


 

في الوقت الذي يقلّل فيه رئيس الوزراء مصطفى مدبولي من أهمية خروج 7–8% من الأموال الساخنة في يوم واحد، يتجاهل الخطاب الرسمي حقيقة لا يمكن إخفاؤها: الاقتصاد المصري بات معلقًا على خيط هش من تدفقات مضارِبة يمكن أن تتبخر في لحظة.

فالأموال الساخنة ليست استثمارًا ولا تنمية، بل رهان حكومي قصير النظر يُموَّل عبر واحد من أعلى أسعار الفائدة في العالم—27.25%—وبإعفاءات ضريبية تجعل مصر ساحة مفتوحة للمضاربين الذين يدخلون بالجنيه ويخرجون بالدولار بلا أي التزام تجاه الاقتصاد.
النتيجة واضحة: كل موجة خروج تساوي موجة هبوط في قيمة الجنيه وارتفاع في التضخم. وقد شهدت مصر خروجًا جماعيًا لأكثر من 15 مليار دولار في 2018، و20 مليارًا في 2020، و21.5 مليارًا في 2022. ورغم ذلك، تواصل الحكومة الاعتماد على هذا المسار وكأنه قدرنا المحتوم!!
فأدوات الدين الحكومية مثل أذون الخزانة. وعلى عكس الاستثمار الأجنبي المباشر، لا تضيف طاقة إنتاجية ولا تشغّل عمالة، بل تتحرك وفق تغيرات الأسواق العالمية، وتخرج عند أول علامة اضطراب 
ورغم أن رفع الفائده يتم تبريره بكبح جماح التضخم إلا أن هذه العوائد الفاحشة جذبت مليارات الدولارات إلى السوق المحلي، لكنها جعلت الاقتصاد أكثر هشاشة وأكثر عرضة للمضاربات.

حيث يتم اجتذاب  الأموال الساخنة بحثًا عن الربح السريع فيؤدي خروجها المفاجئ إلى طلب واسع على الدولار ما يسبب ضغطًا على الاحتياطي وتخفيضًا جديدًا للجنيه، وبالتالي… ارتفاعًا أكبر في التضخم، هكذا تتشكل الحلقة المفرغة التي يجد المواطن نفسه في نهايتها أمام أسعار ملتهبة ورواتب متآكلة٠

التجارب الدولية واضحة وصارخة: الأرجنتين انهارت عملتها ووصل التضخم إلى 100% لأنها وثقت في الأموال الساخنة، ودول شرق آسيا تلقت ضربة قاصمة عام 1997 عندما هرب رأس المال السريع تاركًا اقتصادات كاملة في حالة انهيار.

اليوم، لا تحتاج مصر إلى تطمينات سياسية، بل إلى تحول جذري:
فرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية للأجانب في أذون الخزانة
خفض الاعتماد على الاقتراض قصير الأجل
وبناء اقتصاد إنتاجي قائم على الصناعة والتصدير—وليس على المضاربة.
فالحقيقة التي يجب الاعتراف بها الآن قبل الغد هي: الخطر الحقيقي ليس في خروج الأموال الساخنة… بل في السماح بدخولها بهذا الشكل أصلًا.
وكل يوم تستمر فيه هذه السياسة، تدفع العملة والمواطن والسوق الثمن مضاعفًا.
إن مصر بحاجة إلى اقتصاد حقيقي لا يقوم على المضاربات، بل على الإنتاج والتصدير والاستثمار طويل الأجل. وإلا فإن "فقاعة المال الساخن" لن تكون مجرد خطر محتمل… بل أزمة تتكرر مع كل موجة عالمية جديدة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق