الذكاء الاصطناعي يشعل أكبر موجة تسريحات في وادي السيليكون

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كشفت بيانات حديثة عن تحوّل لافت في سوق العمل الأمريكي، بعدما تجاوز عدد الوظائف التي أُلغيت بسبب الذكاء الاصطناعي حاجز 50 ألف وظيفة خلال عام 2025 فقط.

 ووفقًا لأرقام صادرة عن شركة الاستشارات Challenger, Gray & Christmas، فإن الشركات الأمريكية نسبت بشكل مباشر 54,883 حالة تسريح إلى اعتمادها المتزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما يجعل هذه التكنولوجيا واحدة من أبرز أسباب تقليص الوظائف في قطاع التكنولوجيا هذا العام.

تأتي هذه الموجة من التسريحات في وقت تلجأ فيه الشركات الكبرى إلى الذكاء الاصطناعي كأداة لخفض التكاليف، في ظل ضغوط اقتصادية متزايدة تشمل ارتفاع معدلات التضخم، وزيادة الرسوم الجمركية، والحاجة الملحة لتحسين الربحية، ولم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد وسيلة لرفع الكفاءة، بل تحول في كثير من الحالات إلى بديل مباشر للوظائف التقليدية، خاصة في القطاعات الإدارية وخدمات الدعم.

دراسة حديثة لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT، نُشرت في نوفمبر الماضي، دعمت هذا التوجه، إذ أشارت إلى أن الذكاء الاصطناعي بات قادرًا على تنفيذ نحو 11.7 في المئة من الوظائف في الولايات المتحدة، ووفقًا للدراسة، يمكن أن يوفر هذا التحول ما يصل إلى 1.2 تريليون دولار من تكاليف الأجور، خاصة في قطاعات مثل الخدمات المالية والرعاية الصحية والخدمات المهنية.

ورغم هذه الأرقام، لا يتفق جميع الخبراء على أن الذكاء الاصطناعي هو السبب الحقيقي وراء هذا الكم من التسريحات، فابيان ستيفاني، أستاذ مساعد في الذكاء الاصطناعي والعمل بمعهد أكسفورد للإنترنت، يرى أن العديد من الشركات بالغت في التوظيف خلال فترة جائحة كورونا، وقد تستخدم الذكاء الاصطناعي الآن كذريعة مريحة لتقليص العمالة وإعادة هيكلة فرقها.

لكن الجدل لم يمنع شركات تكنولوجية كبرى من التصريح علنًا بأن الذكاء الاصطناعي كان عاملًا رئيسيًا في قراراتها. أمازون، على سبيل المثال، أعلنت تسريح نحو 14 ألف موظف إداري هذا العام، في واحدة من أكبر موجات التقليص في تاريخها.

 وقالت بيث جاليتي، نائبة الرئيس التنفيذي لتجربة الأفراد والتكنولوجيا، إن الشركة تجري تغييرات تنظيمية تشمل تقليص بعض الفرق والتوسع في فرق أخرى، مؤكدة أن الجيل الحالي من الذكاء الاصطناعي هو الأكثر تأثيرًا منذ ظهور الإنترنت.

ورغم هذا التصريح، عاد الرئيس التنفيذي لأمازون آندي جاسي ليؤكد لاحقًا أن قرار التسريحات لم يكن مدفوعًا بالذكاء الاصطناعي أو الاعتبارات المالية فقط، بل جاء في إطار تغيير ثقافة العمل داخل الشركة، ما يعكس تضاربًا في الرسائل حول الدور الحقيقي للتكنولوجيا في هذه القرارات.

مايكروسوفت بدورها نفذت أربع موجات رئيسية من تقليص العمالة خلال 2025، أسفرت عن الاستغناء عن نحو 15 ألف موظف، وأوضحت الشركة أن استخدام الذكاء الاصطناعي أصبح عنصرًا أساسيًا في تقييم أداء الموظفين، حيث أكدت جوليا ليوسِن، رئيسة قطاع المطورين، أن الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي لم يعد خيارًا، بل متطلبًا أساسيًا لكل وظيفة وكل مستوى داخل الشركة.

 كما تدرس مايكروسوفت إدراج معايير رسمية لقياس استخدام الذكاء الاصطناعي ضمن تقييمات الأداء السنوية.

في Salesforce، كان الذكاء الاصطناعي أكثر وضوحًا في قرارات التسريح. ففي سبتمبر الماضي، أعلن الرئيس التنفيذي مارك بينيوف الاستغناء عن 4 آلاف وظيفة في قطاع دعم العملاء، مؤكدًا أن الأتمتة المدعومة بالذكاء الاصطناعي باتت تنفذ ما يصل إلى 50 في المئة من العمل داخل الشركة. ووصف بينيوف هذه المرحلة بأنها من أكثر الفترات إثارة في مسيرته المهنية، مشيرًا إلى أن وكلاء الذكاء الاصطناعي باتوا قادرين على التواصل مع ملايين العملاء الذين لم تتمكن الشركة من متابعتهم سابقًا.

أما IBM، فقد كشف رئيسها التنفيذي أرفيند كريشنا في مقابلة صحفية أن روبوتات المحادثة المدعومة بالذكاء الاصطناعي حلت محل مئات الوظائف في أقسام الموارد البشرية، إلى جانب تقليص أدوار في التسويق والاتصال المؤسسي. وأكد كريشنا أن الشركة لا تزال توظف في مجالات تتطلب تفكيرًا نقديًا أعمق، مثل الهندسة والمبيعات والتسويق.

في المجمل، تعكس هذه التطورات مرحلة انتقالية حساسة في سوق العمل الأمريكي، حيث يتداخل التطور التكنولوجي مع ضغوط الاقتصاد وإعادة تعريف مفهوم الوظيفة، وبينما يرى البعض في الذكاء الاصطناعي فرصة لخلق وظائف جديدة وأكثر تطورًا، يراه آخرون تهديدًا مباشرًا للاستقرار الوظيفي، ما يجعل السنوات المقبلة حاسمة في تحديد شكل العلاقة بين الإنسان والآلة داخل بيئة العمل.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق