مع دخول شهر رجب، أحد الأشهر الحُرم، يتجدد سؤال يتردد على ألسنة كثير من المسلمين: هل صيام أول ثلاثة أيام من رجب سُنّة ثابتة عن النبي ﷺ؟، خاصة في ظل ما يُعرف عن هذا الشهر من تعظيم وفضل، وكونه مقدمة روحية لشهر رمضان المبارك.
رجب من الأشهر الحُرم
يُعد شهر رجب الشهر السابع في التقويم الهجري، وهو أحد الأشهر الأربعة الحُرم التي عظّمها الله تعالى، فقال سبحانه:
﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ… مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾ [التوبة: 36].
وثبت في الصحيحين عن النبي ﷺ قوله:«السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا؛ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ… وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ».
صيام أول ثلاثة أيام من رجب
أوضح الدكتور محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أنَّه لم يرد عن النبي ﷺ نصٌّ صحيح يُخصّص صيام أول ثلاثة أيام من شهر رجب بفضلٍ معين أو بسُنّيةٍ مستقلة.
وبيّن أن الصيام في هذه الأيام جائز ومستحب من حيث كونه صيام تطوع، لا لأنه مقيَّد بخصوصية معينة في أول رجب.
عموم صيام التطوع
وأكدت دار الإفتاء المصرية أن الصيام في شهر رجب – سواء في أوله أو وسطه أو آخره – جائز شرعًا ولا حرج فيه، استنادًا إلى عموم الأدلة التي تحث على صيام التطوع، دون وجود نص يمنع الصيام في هذا الشهر.
ونبّهت الإفتاء إلى أن تخصيص أيام معينة بعبادة دون دليل شرعي يُعد من التضييق غير المشروع، لأن القاعدة الأصولية تقرر أن:«الأمر المطلق يقتضي عموم الأزمنة والأمكنة والأحوال».
حديث «صُم من الحُرم واترك» ودلالته
استدل العلماء بحديث رواه أبو داود عن أبي مجيبة الباهلية – رضي الله عنه – أن النبي ﷺ قال:
«صُم من الحُرم واترك»، وهو حديث يدل على استحباب الصيام في الأشهر الحُرم عمومًا، دون تخصيص يوم بعينه.
هل صيام رجب بدعة؟
أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن الصيام في شهر رجب ليس بدعة، بل هو من صيام التطوع المشروع، ما دام لم يُقترن باعتقاد فضل مخصوص لم يثبت به دليل.
وأوضح أن البدعة تكون في الاعتقاد الجازم بخصوصية عبادة لم ترد عن النبي ﷺ، لا في أصل الصيام نفسه.


















0 تعليق