في خطوة جديدة تعكس إصرار جوجل على توسيع حضور الذكاء الاصطناعي داخل منصاتها المختلفة، أعلنت YouTube Gaming عن إطلاق نسخة تجريبية مفتوحة من أداة جديدة تحمل اسم Playables Builder، تتيح لبعض صناع المحتوى إنشاء ألعاب صغيرة قابلة للعب مباشرة على يوتيوب، دون الحاجة إلى أي خبرة برمجية أو معرفة مسبقة بتطوير الألعاب.
الأداة الجديدة تعتمد على نموذج Gemini 3، أحدث إصدارات جوجل في مجال الذكاء الاصطناعي، وتأتي كجزء من توجه أوسع لدمج تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي في تجربة المستخدم اليومية، سواء كان مشاهدًا عاديًا أو صانع محتوى. ووفقًا لما أعلنته YouTube Gaming، فإن Playables Builder هي تطبيق ويب تجريبي يسمح بإنشاء ألعاب قصيرة وبسيطة يمكن دمجها داخل منصة يوتيوب نفسها.
فكرة الألعاب القابلة للعب على يوتيوب ليست جديدة تمامًا. ففي عام 2023، بدأت المنصة اختبار ألعاب صغيرة على نسختي سطح المكتب والهواتف المحمولة، قبل أن تضيف لاحقًا ميزة اللعب الجماعي لبعض هذه التجارب خلال العام الماضي. لكن الجديد هذه المرة هو نقل جزء من عملية التطوير نفسها إلى صناع المحتوى، ومنحهم أداة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتصميم ألعابهم الخاصة.
بحسب جوجل، يمكن للمبدعين استخدام اللغة الطبيعية لوصف فكرة اللعبة، ليقوم الذكاء الاصطناعي بتحويل هذا الوصف إلى تجربة تفاعلية بسيطة. لا يتطلب الأمر كتابة أكواد أو التعامل مع محركات ألعاب معقدة، وهو ما يجعل الأداة جذابة نظريًا لفئة واسعة من المستخدمين الذين لطالما راودتهم فكرة صناعة لعبة، لكنهم اصطدموا بالحاجز التقني.
تعتمد Playables Builder على Gemini 3، وهو النموذج الذي تراهن عليه جوجل ليكون العمود الفقري لمشاريعها المستقبلية في الذكاء الاصطناعي. الأداة تشبه في فكرتها مشاريع تجريبية أخرى أعلنت عنها Google Labs مؤخرًا، مثل Disco وGenTabs، والتي تتيح للمستخدم إنشاء عناصر تفاعلية أو أدوات صغيرة عبر أوامر نصية بسيطة.
في هذه المشاريع، يقوم الذكاء الاصطناعي بدور الوسيط بين الفكرة والتنفيذ، حيث يحوّل الطلب المكتوب إلى واجهة أو أداة تعمل مباشرة داخل المتصفح. ورغم أن هذا النهج قد يكون عمليًا في مجالات مثل البحث أو تنظيم المعلومات، إلا أن تطبيقه على الألعاب يطرح تساؤلات أكبر.
هل الذكاء الاصطناعي قادر على صنع لعبة ممتعة؟
رغم الحماس الظاهر في إعلان يوتيوب، فإن التوقعات لا تزال محدودة. فصناعة الألعاب ليست مجرد فكرة تُنفذ تقنيًا، بل عملية إبداعية معقدة تعتمد على التوازن، والتجربة، والتعديل المستمر، وهو ما يتطلب خبرة تراكمية يمتلكها مطورو الألعاب المحترفون.
صحيح أن الذكاء الاصطناعي يمكنه المساعدة في إنشاء نماذج أولية أو أفكار سريعة، لكن تحويل هذه النماذج إلى تجربة ممتعة حقًا هو تحدٍ مختلف تمامًا. ولهذا، تحرص يوتيوب نفسها على خفض سقف التوقعات، مشيرة ضمنيًا إلى أن الألعاب المنتجة عبر Playables Builder ستكون بسيطة ومحدودة، وليست مشاريع ضخمة أو تجارب عميقة تنافس ألعاب السوق المعروفة.
من زاوية أخرى، قد تمثل هذه الأداة فرصة مثيرة لبعض صناع المحتوى، خاصة أولئك الذين يبحثون عن طرق جديدة للتفاعل مع جمهورهم. لعبة بسيطة مرتبطة بقناة يوتيوب أو بمحتوى معين قد تضيف بعدًا تفاعليًا جديدًا، وتزيد من وقت بقاء المستخدمين داخل المنصة.
كما أن دمج الألعاب مباشرة في يوتيوب ينسجم مع استراتيجية المنصة في التحول إلى وجهة ترفيهية شاملة، لا تقتصر على مشاهدة الفيديو فقط، بل تمتد إلى التفاعل واللعب والمشاركة.
إطلاق Playables Builder يؤكد مرة أخرى أن جوجل ماضية في دمج الذكاء الاصطناعي في كل خدماتها تقريبًا، من البحث والبريد الإلكتروني، إلى المتصفح، والآن الألعاب. وبينما يرى البعض في هذه الخطوات تسهيلًا للإبداع وتوسيعًا لفرص التعبير، يتخوف آخرون من أن يؤدي الاعتماد الزائد على الذكاء الاصطناعي إلى تبسيط مفرط للتجارب الإبداعية.
في النهاية، قد لا تصنع هذه الأداة اللعبة التالية الكبرى، لكنها بلا شك تعكس مرحلة جديدة في علاقة الذكاء الاصطناعي بصناعة المحتوى، وتطرح سؤالًا مفتوحًا: هل يكون الذكاء الاصطناعي مجرد أداة مساعدة، أم لاعبًا أساسيًا في مستقبل الإبداع الرقمي؟ الأيام القادمة، وتجارب المستخدمين، ستحدد الإجابة.

















0 تعليق