خطورة صادمة للفيديوهات القصيرة على عقول الأطفال

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تتزايد الظاهرة اللافتة لاستخدام الأطفال والمراهقين لمقاطع الفيديو القصيرة على الإنترنت، حيث تحوّلت هذه الوسائط الرقمية من مجرد وسيلة تسلية عرضية إلى عنصر يومي يؤثر بعمق على حياتهم النفسية والاجتماعية.

كيف تحرر طفلك من عبودية الهاتف الذكي؟

ما كان يُعتبر وسيلة لملء أوقات الفراغ أصبح جزءًا أساسياً من الروتين اليومي، إذ تُستخدم مقاطع الفيديو للاسترخاء، التعبير عن الذات، وتشكيل آراء جديدة. منصات مثل تيك توك، إنستغرام، ويوتيوب شورتس باتت الوسيلة المفضلة لملايين الأطفال تحت سن الثامنة عشرة، مقدّمة محتوى غير محدود ومخصص.

 

السمات الجذابة لهذه المنصات، المتمثلة في سهولة التصفح، الفكاهة، الاتجاهات الرائجة، وفرص التفاعل الاجتماعي، تجعلها مغرية للغاية. لكنها تعتمد تصاميم تروّج للتصفح المتواصل والتشغيل التلقائي، ما يزيد من صعوبة تركها خاصة بالنسبة للمستخدمين الصغار.

 

ورغم أن هذه المنصات لم توجّه بالأساس للأطفال، فإن نسبة استخدامهم لها يوميًا آخذة في التوسع بشكل لافت؛ غالبًا دون رقابة مباشرة من البالغين. وبينما يمكن أن تكون هذه الأدوات وسيلة إيجابية لبعض الأطفال لتحفيز الإبداع وبناء الهويات وتعزيز العلاقات الاجتماعية، إلا أنها قد تؤثر سلبًا على آخرين، مسببة اضطرابات في النوم وتوفير وقت أقل للتأمل والأنشطة البدنية المفيدة.

 

التحديات لا تنشأ فقط من طول فترة الاستخدام، ولكن أيضًا من الطبيعة القهرية للتصفح الذي يصعب السيطرة عليه بسهولة. هذا النمط من التفاعل يمكن أن يُضعف التحكم الذاتي ويؤثر على التركيز والانتباه والتحصيل الدراسي وكذلك العلاقات الشخصية للأطفال.

 

يتركز تصميم مقاطع الفيديو القصيرة على إثارة الاهتمام المستمر وتحفيز الدماغ عبر تقديم محتوى متنوّع خلال ثوانٍ معدودة. طبيعة هذا التدفق السريع تجعل الدماغ دائم البحث عما هو جديد ومثير. ومع غياب فترات الراحة بين كل مقطع وآخر، تقل إمكانية التوقف الذهني الذي يلعب دورًا حاسمًا في إعادة تنظيم الأفكار وتركيز الانتباه.

 

تشير الدراسات إلى وجود ارتباط معتدل بين الاستخدام المكثف لهذه الفيديوهات وتراجع مدة التركيز وضعف القدرة على التحكم الذاتي لدى الأطفال. ومن أبرز الجوانب المتأثرة النوم؛ إذ يُمضي العديد من الأطفال ساعات المساء وهم يشاهدون الشاشات بدلاً من الاستعداد للراحة، حيث يُعوّق الضوء الساطع إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن تنظيم النوم. كما يبقى الدماغ في حالة يقظة متأثرة بالتقلبات العاطفية السريعة التي يسببها المحتوى.

 

كما تظهر الأبحاث علاقة بين الاستهلاك المفرط لمقاطع الفيديو النصية القصيرة واضطرابات النوم وزيادة القلق لدى بعض المراهقين. هذه العوامل تؤثر على المزاج والذاكرة وقد تكون بداية حلقة مفرغة تتسم بمزيد من التوتر وصعوبة التخلص منها.

 

من جانب آخر، يُفاقم التدفق المستمر لصور حياة الأقران المصقولة شعور المقارنة الاجتماعية، حيث يطوّر الأطفال توقعات غير واقعية حول النجاح أو الجمال أو الشعبية. وللأسف فإن الأطفال الأصغر سناً هم الأكثر تأثرًا نظرًا لهشاشة هوياتهم التي لم تكتمل بعد ونقص ضبط النفس لديهم. وتشكل مقاطع الفيديو الآنية خطرًا إضافيًا لكونها قد تعرضهم لمحتوى صادم أو غير لائق دون تحذير مسبق.

 

وعلى عكس المواد الأطول زمنياً، لا تمنح الفيديوهات القصيرة وقتًا كافيًا للتأقلم مع انتقال سياقها أو محتواها، مما يفتح المجال لتجربة مفاجآت قد تكون مزعجة، خاصة للعقول الناشئة التي تستجيب بقوة أكبر للصدمة.

 

لا يتأثر جميع الأطفال بالطريقة ذاتها. فقد تكون التأثيرات أشد حدة لدى أولئك الذين يعانون مسبقًا من ضغوط نفسية أو صعوبات في التركيز مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة (ADHD). 

 

في الوقت ذاته، تشكل الطفولة مرحلة حاسمة لتكوين الذكاء العاطفي وتنمية مهارات التفكير العميق وتنظيم المشاعر إلى جانب بناء العلاقات الصحية. ومع إحلال المحتوى الرقمي السريع محل اللعب الإبداعي وأحلام اليقظة والتفاعل المباشر مع الأهل والأقران، تتراجع فرص نمو هذه المهارات الحيوية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق