لفتت لعبة Coven of the Chicken Foot الأنظار بقوة منذ لحظة ظهورها الأول خلال حفل The Game Awards 2025، ليس بسبب ميزانية ضخمة أو اسم تجاري عملاق، بل لأنها قدمت شيئًا نادرًا في صناعة الألعاب الحديثة: بطلة غير تقليدية، ورؤية فنية هادئة، وتجربة تعتمد على السرد الصامت والخيال الخالص.
اللعبة، التي يطوّرها استوديو Wildflower Interactive المستقل، تنتمي إلى فئة ألعاب المنصات والألغاز الفردية، لكنها تكسر القوالب المعتادة من اللحظة الأولى. بطلتها ليست محاربة شابة ولا بطلًا خارقًا، بل امرأة مسنة تُدعى “جيرتي”، ساحرة غريبة الأطوار تمتلك… أقدام دجاج. هذه التفصيلة وحدها كفيلة بأن تجعل الشخصية عالقة في الذاكرة، لكنها ليست مجرد عنصر غرائبي، بل جزء من هوية بصرية وسردية متكاملة.
العالم الذي تدور فيه أحداث اللعبة يبدو وكأنه خارج من كتاب حكايات مصوّر، برسوم حالمة وألوان دافئة، وبيئات تتنوع بين الكهوف والغابات والمعابد القديمة. لا تعتمد Coven of the Chicken Foot على الحوارات المكتوبة أو الشروحات المطولة، بل تترك للاعب مهمة فهم القصة من خلال الحركة، والتفاعل، والعلاقة المتطورة بين جيرتي ورفيقها الغامض، وهو كائن لطيف ومقلق في الوقت ذاته.
القصة تضع جيرتي في رحلة لإثبات ذاتها أمام “مجلس الساحرات” المحلي، عبر الوقوف في وجه أبطال متغطرسين نصبوا أنفسهم حماةً للأرض. المثير هنا أن جيرتي لا تحمل سيفًا، ولا تعتمد على القفزات القتالية أو المراوغات السريعة، بل على الذكاء، وحل الألغاز، والتعاون مع رفيقها الغريب للبقاء على قيد الحياة والتقدم في العالم.
أحد العناصر اللافتة في أسلوب اللعب هو أن رفيق جيرتي لا يتصرف بطريقة ثابتة، بل يطوّر سلوكيات مختلفة تبعًا لأسلوب لعب كل لاعب. هذا يعني أن التجربة قد تختلف من شخص لآخر، وأن العلاقة بين الشخصية الرئيسية ومرافقها تصبح جزءًا أساسيًا من آليات اللعب، لا مجرد إضافة شكلية.
أهمية اللعبة لا تتوقف عند فكرتها أو أسلوبها الفني، بل تمتد إلى هوية الاستوديو الذي يقف خلفها. Coven of the Chicken Foot هي أول مشروع لـ Wildflower Interactive، وهو استوديو أسسه بروس سترالي، أحد الأسماء البارزة في تاريخ Naughty Dog، حيث شغل أدوارًا قيادية في تطوير ألعاب أيقونية مثل The Last of Us وUncharted 4. سترالي غادر Naughty Dog في عام 2017 بعد ما يقرب من عقدين في الاستوديو، في خطوة فُسرت آنذاك على أنها انسحاب هادئ من صناعة الألعاب.
لكن بعد سنوات من الابتعاد، عاد سترالي بفكرة مختلفة تمامًا عما اعتاد عليه جمهور ألعاب AAA. في رسالة سابقة، تحدث عن رغبته في إنشاء استوديو “صغير، إنساني، ومتعاون”، يركز على الإبداع بقدر ما يركز على حياة المطورين خارج العمل. هذه الفلسفة انعكست بوضوح في بيان مهمة Wildflower Interactive، الذي يؤكد على تحقيق التوازن بين الشغف المهني والحياة الشخصية، وبناء بيئة عمل قائمة على الاحترام والتنوع والتعاون.
اليوم يضم الاستوديو 16 مطورًا بخلفيات متنوعة، بين العمل في مشاريع ضخمة وألعاب مستقلة، ويضع هدفًا واضحًا يتمثل في تقديم ألعاب “صغيرة نسبيًا، لكنها مشحونة إبداعيًا، ومتفردة في أسلوبها”. هذه الروح تبدو حاضرة بقوة في Coven of the Chicken Foot، التي لا تحاول منافسة عمالقة الصناعة بقدر ما تسعى لترك أثر فني وإنساني.
حتى الآن، لم يُعلن عن موعد إصدار رسمي للعبة، لكنها قادمة إلى منصة Steam، ومتاحة للإضافة إلى قائمة الرغبات. ومع كل ما كُشف عنه حتى اللحظة، تبدو Coven of the Chicken Foot واحدة من تلك الألعاب التي لا تعتمد على الضجيج، بل على السحر الهادئ، وتؤكد أن الابتكار الحقيقي في عالم الألعاب قد يأتي أحيانًا على… أقدام دجاج.














0 تعليق