الغزل في حضرة النبي ﷺ: بين تقاليد القصيدة وأخلاق الإسلام

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 الغزل في حضرة النبي ﷺ: بين تقاليد القصيدة وأخلاق الإسلام يتحدث الدكتور/ سيد محمود الشريف دكتوراه الأدب العربي - جامعة القاهرة فى حواره مع الوفد وقال 

جرت عادة القصيدة العربية في العصر الجاهلي على افتتاحها بمقدمة غزلية أو طللية، يقف فيها الشاعر على آثار المحبوبة، ويصف شوقه وهيامه، سواء أكان شابًا أم شيخًا، ماجنًا أم وقورًا، وقد استقر هذا التقليد الفني حتى غدا جزءًا بنيويًّا من بناء القصيدة، واستمر حضوره لدى الشعراء المخضرمين وبعد ظهور الإسلام، على الرغم من التحول الأخلاقي العميق الذي أحدثته العقيدة الإسلامية في المجتمع.

ومع أنّ الإسلام دعا إلى تهذيب السلوك وضبط القول، فإنه لم يُلغِ الشعر ولا تقاليده الفنية، بل تعامل معه بقدر من التسامح الواعي، ويتجلى ذلك بوضوح في موقف النبي ﷺ من الشعراء المسلمين، الذين ظلوا يفتتحون قصائدهم بمقدمات غزلية مألوفة دون أن يُنكر عليهم ذلك، ولعل أبرز مثال على هذا قصيدة كعب ابن زُهير " بانت سعاد"، التي ألقاها بين يدي الرسول ﷺ في المسجد النبوي، مستهلًا إياها بغزل صريح ووصف حسي ومعنوي للمرأة، ومع ذلك استمع النبي ﷺ إلى القصيدة كاملة، بل تدخّل في تعديل بيت منها، دون اعتراض على مقدمتها.

وكذلك الشأن مع حسان بن ثابت، شاعر الرسول ﷺ، إذ افتتح بعض قصائده بالوقوف على الأطلال والغزل، كما نقل ابن هشام وابن كثير، دون أن يُسجِّلا على ذلك إنكارًا أو استهجانًا، مما يدل على أنّ هذا الأسلوب كان يُنظر إليه بوصفه تقليدًا فنيًّا لا تقريرًا أخلاقيًّا.

ويكشف هذا كله عن نظرة متوازنة للأدب والشعر في صدر الإسلام، تقوم على التمييز بين القول الفني والواقع السلوكي، في ضوء قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ﴾، وهو ما يفسر التساهل مع الغزل الشعري ما دام في إطار الفن لا الإغواء.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق