سطرت المتسابقة مريم ياسر زين العابدين، ابنة قرية الإمام الغزالي التابعة لمركز الدلنجات بمحافظة البحيرة، نموذجا مشرفا للإرادة والعزيمة، بعد أن حققت المركز الرابع عالميا في الفرع السادس (ذوي الهمم) من المسابقة العالمية للقرآن الكريم، في نسختها الثانية والثلاثين، التي تنظمها وزارة الأوقاف المصرية، لتحصد جائزة مالية قدرها 250 ألف جنيه، وسط منافسة قوية من متسابقين من مختلف دول العالم.
وتدرس مريم في الصف الثالث الثانوي الأزهري، وتمكنت بفضل الله ثم اجتهادها ودعم أسرتها وشيوخها من التفوق في واحد من أصعب فروع المسابقة، والذي خُصص لذوي الهمم، ويشترط حفظ القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم أو ورش عن نافع أو الجمع بين الروايتين، مع تفسير الجزء الثلاثين في ضوء كتاب البيان على المنتخب في تفسير القرآن الكريم، على ألا يزيد سن المتسابق عن 25 عاما، ويمنح في هذا الفرع خمس جوائز، تبدأ من 600 ألف جنيه للمركز الأول، وتنتهي بـ200 ألف جنيه للمركز الخامس.
قالت مريم ياسر زين العابدين في تصريحات خاصة لـ«الوفد»،إن رحلتها مع القرآن الكريم بدأت في سن مبكرة، حيث شرعت في حفظ كتاب الله وهي في سن الخامسة، وأتمت حفظه كاملا في سن الحادية عشرة، موضحة أنها داومت على مراجعته وتلاوته آناء الليل وأطراف النهار، مؤكدة أن هذا التوفيق كان فضلا من الله سبحانه وتعالى قبل أي شيء.
وأضافت مريم ياسر أن أسرتها كان لها الدور الأكبر في تشجيعها ودعمها نفسيا ومعنويا، إلى جانب شيخها الشيخ محمد جمعة الديب، الذي كان له أثر بالغ في تثبيت الحفظ وتقوية التلاوة، مشيرة إلى أنها بذلت جهدا كبيرا، وتحملت الكثير من التعب والصبر حتى وصلت إلى هذا المركز المتقدم عالميًا.
أتمّت مريم حفظ كتاب الله الكريم وهي في الصف السادس الابتدائي، على يد شيخها محمد جمعة الديب، الذي كان الداعم الأول لها طوال رحلة الحفظ، وأسهم بدور بارز في تعليمها أحكام التلاوة والتجويد.
ورغم كونها طالبة كريمة العينين، فإن فقدان البصر لم يكن يومًا عائقًا أمام شغفها بالقرآن الكريم، ولا أمام حرصها على إتقان حفظه وتلاوته، إذ استعانت بطريقة برايل في القراءة والحفظ، لتثبت بإرادتها القوية أن الإعاقة الجسدية لا تحول دون بلوغ أعلى مراتب التفوق الروحي والعلمي.
وأكدت مريم أن فقدان البصر لا يمثل نهاية الطريق، بل يمكن أن يكون دافعًا للتميز في مجالات أخرى، وعلى رأسها حفظ وتجويد القرآن الكريم، معربة عن سعادتها البالغة بتمثيل مصر في هذا المحفل العالمي، ومشيرة إلى ما بذلته من جهد كبير ومثابرة متواصلة خلال مراحل الحفظ والمراجعة.
وأوضحت مريم ياسر أنها شاركت في العديد من المسابقات القرآنية خلال السنوات الماضية، من بينها مسابقة بورسعيد الدولية ومسابقة شيخ الأزهر، وحققت فيها مراكز متقدمة، كما شاركت في مسابقات على مستوى المركز والمحافظة، وأسفرت مشاركاتها عن الفوز بعدة جوائز، من بينها أداء العمرة، وهو ما كان له أثر عظيم في زيادة تعلقها بالقرآن الكريم.
وعن مراحل المسابقة العالمية، أشارت مريم ياسر إلى أنها مرت بعدة مراحل دقيقة، بدأت بالمرحلة التمهيدية، ثم المرحلة الشفوية، تلتها المرحلة التحريرية، ثم مرحلة التفسير والمتشابهات، وصولا إلى المرحلة النهائية العالمية، مؤكدة أن كل مرحلة كانت تتطلب تركيزا كبيرا واستعدادا قويا.
وعبرت مريم عن سعادتها الكبيرة بحصولها على المركز الرابع في المسابقة العالمية للقرآن الكريم، قائلة: سعدت كثيرا إني أمثّل مصر
دار الإمام الغزالي تحصد المراكز الأولى في المسابقات القرآنية
قالت مريم ان الشيخ محمد جمعة الديب كان له دور كبير ومؤثر في رحلتها بمجال تحفيظ القرآن الكريم، حيث كانت تقضي معظم وقتها في الدار تحت إشرافه المباشر، ما أتاح لها الاستفادة الواسعة من علمه وخبرته، لكونه خريج كلية القرآن الكريم للقراءات وعلومها.
وأضافت أنه بحكم خبرته ومعرفته الدقيقة بثغرات ومتطلبات المسابقات الكبرى، استطاع أن يوجهها التوجيه الصحيح، الأمر الذي انعكس بشكل واضح على مستواها وأدائها.
وأشار الشيخ محمد جمعة الديب إلى أنه قام بتدريبها بشكل مكثف على هذه المسابقة، مع التركيز على الجوانب الفنية وقواعد التحكيم، حتى وصلت إلى المستوى الذي يؤهلها للمنافسة بقوة.
وأوضح أنه بفضل الله، تمكّنوا خلال العام الماضي من حصد مركز متقدم في مسابقة شيخ الأزهر، كما حصلت دار تحفيظ قرية الإمام الغزالي على 8 عمرات في آخر مسابقة أُقيمت على مستوى محافظة البحيرة، وهو إنجاز غير مسبوق.
وتابع أن القائمين على المسابقة أشادوا بمستوى طلاب دار تحفيظ القرآن بقرية الإمام الغزالي، وتعهدوا بدعم ومتابعة عدد كبير من الطلاب الفائزين من أبناء الدار، وهو ما توِّج بحصوله على عمرة باعتباره أفضل مُحفِّظ على مستوى المركز.
أحلم بإتمام القراءات العشر ولقاء الإمام الأكبر شيخ الأزهر
وعن طموحاتها المستقبلية، قالت مريم إن حلمها الأكبر هو الالتحاق بكلية الدراسات الإسلامية قسم القراءات، حتى تتمكن من إتمام القراءات العشر بإذن الله، وأن تواصل مسيرتها العلمية في خدمة القرآن الكريم وعلومه.
وفي ختام حديثها، وجهت مريم الشكر لوالديها وشيخها الشيخ محمد جمعة الديب ، تقديرا لما بذلوه من جهد وتعب في دعمها،.
وعبرت مريم ياسر عن أمنيتها الكبيرة في لقاء فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، معتبرة ذلك شرفا عظيما وحلما تتمنى أن يتحقق يوما ما.


















0 تعليق