هدنة من طرف واحد!

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تثير تطورات الوضع فى غزة الكثير من التساؤلات بشأن المستقبل الذى سيؤول إليه بعد اتفاق وقف الحرب الذى لم ينفذ منه سوى القليل. ورغم الكثير من الآمال التى سادت بأن يتم البدء فيما وصف بالمرحلة الثانية من الاتفاق والذى يمهد لأوضاع أكثر استقرارا ما بعد وقف النار، إلا أن الجهود فى هذا المسار تكاد تكون توقفت على نحو ما أشرنا فى مقال الأسبوع الماضى. وبعيدا عما قد يبدو من ظاهر الصورة، فمن المؤكد أن هناك ما يجرى الإعداد لتنفيذه سواء من قبل الإدارة الأمريكية أو الإسرائيلية، على نحو يدعو البعض لطرح فكرة أن هناك مسعى لفرض واقع جديد يتمثل فى بقاء القوات الإسرائيلية فى جزء غير محدود من القطاع، وفى الوقت ذاته فرض حالة من الفصل بين الضفة والقطاع. 

من المتصور أن هذا الأمر قد يقضى حال تحققه على فكرة الدولة الفلسطينية وقد يصل إلى الانتهاء إلى ضم الضفة وتقرير وضع خاص لغزة لا هو نوع من الاستقلال كجزء من دولة أو حتى حكم ذاتى وإنما هو أقليم ذو وضع خاص تدار شئونه وفق الرؤية الأمريكية الإسرائيلية وهو ما قد يفسره مضمون خطة ترامب التى هى أقرب إلى الانتداب الدولى برعاية واشنطن على غزة.

وسط كل هذه الصورة القاتمة تمارس إسرائيل حالة من العربدة فى القطاع وتقوم بعمليات عسكرية فى الحدود التى تراها وبالكيفية التى تحددها دون مبالاة بأى اتفاق فيما تلتزم حماس وباقى المقاومة بوقف النار، فيما يمكن اعتباره شكلا جديدا من أشكال الهدنة تلك التى يلتزم فيها طرف بوقف النار، بينما يتمتع الآخر بالتحلل من هذا الالتزام أو بتعبير آخر هدنة من طرف واحد.

ما الذى أوصلنا إلى هذا المستوى؟ رغم أن الإجابة واضحة وتتمثل فى الحال الذى وصل إليه الوضع فى غزة من حرب إبادة كادت أن تنتهى إلى تهجير قسرى لسكان القطاع، وهو ما فرض القبول بما هو أخف وطأة وهو الهدنة. غير أن ذلك يبقى فى كل الأحوال سؤالا يفتح الكثير من الجروح ويثير الكثير من الشجون على ما هو قادم بشأن وضع القضية الفلسطينية إن بقى هناك ما يمكن اعتباره قضية، حيث جرى تفكيكها سواء فيما يتعلق بمساحة الأرض التى تم ابتلاعها على مدار عقود أو حتى فيما يتعلق بمكونات القضية إلى الحد الذى تم معه اختزالها فى مجموعة سكان يقيمون بغزة يجب أن يتم تهجيرهم فى خطوة نهائية على طريق تصفية القضية. 

واذا كان التساؤل قد يطرح نفسه بشأن دور الوسطاء، فإن واقع الحال ربما يشير إلى أن كل الخيوط فى النهاية فى يد الولايات المتحدة التى تحرص على أن تسير الأمور فى المسار الذى تريده، بما تتمتع به من هيمنة سواء على مستوى الوضع فى المنطقة أو حتى على مستوى النظام الدولى وهو ما يفسره تمرير مجلس الأمن لخطة ترامب بشأن غزة رغم رفض روسيا والصين لها أو بمعنى أحرى تحفظمها عليها، بما يشير إلى تسويات وترضيات تتم بين القوى الكبرى على حساب القضايا الإقليمية. 

وسط كل ذلك تزداد وتيرة الحديث عن نزع سلاح حماس وخطط نزع السلاح ما يثير التساؤل بشأن شكل الأوضاع فى غزة فى ظل هذا الوضع فاذا كان القطاع مستباح والمقاومة تملك سلاحها فكيف سيكون الوضع وقد تم تسليم هذا السلاح؟ 

هل يمكن أن نطمح فى وضع مبشر لمسار الأوضاع فى غزة؟ ليكن ذلك هو الأمل وإن كانت المؤشرات وعلاقات القوى السياسية وليست العسكرية فقط لا تشير – للأسف - إلى أن القادم أفضل.

[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق