ألعابٌ سادِيَّة

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

حفنة كلام

الأحد 14/ديسمبر/2025 - 07:46 م 12/14/2025 7:46:50 PM


قبل فترة أردتُ أن أعرف لماذا يولع الأطفال بألعاب العُنف؛ شاهدتُ مع بعضهم لعبة «بابجي» التى تقوم على قيام الأطفال بتعذيب زملائهم حتى الاحتضار ثم يقتلونهم. وحتى يرقى عليه أن يقتل أكثر؛ ودعانى ابنى لمشاهدة مباراة مايك تايسون وجيك بول واستجبت له على مضض فما الذى يجعلنى أشاهد «مَقْتلة» بين اثنيْن يكيل كل منهما لَكَمات شبه قاتلة للآخر وقد سبق هذا النزال المرتقب مباريات بين ملاكميْن حوّلت لكَماتُهما وجهيْهما إلى دُمَى تغطيها الجراح والدماء، ثم جاءت ملاكمتان فى غاية الجمال فصارتا فى أثناء المباراة مَسْخا من القُبح الدامى بل إن إحداهما لكَمتْ الأخرى فى حاجبها فتساقط حاجبها الأيمن فوق عينها فى جرحٍ غائر ظل ينزف طوال المباراة واضطر الحكَم الذى أُشفقُ عليه إلى استدعاء طبيب، والعجيب أنه أكمل المباراة والدماء تغطى وجهيهما، هل رؤية الضرب تُبهج المشاهدين وتفرحهم؟ كيف تتحقق الفرحة مع الفرجة على الوجوه الدامية المُكسّرة والأرجل والأيدى المُخلّعة؟ أين تكمن البهجة؟ أتذكر أنى حضرت مباراة فى حلَبة الثيران بالأندلس كان الصراع مدوّيا بين الإنسان والثوْر الهائج الذى يجرى نحو الخرقة الحمراء التى يلوّح له بها المقاتلُ وبعد كرٍّ وفرٍّ يدخل الفرسان فوق خيولهم ليمطروا هذا الثور المُتعب من الركض والدوران فى الحلبة، يمطرونه بالسهام فيخرّ صريعا، وقد زرتُ متحفا بالأندلس يحتفظون فيه بصور الرجال الذين قُتلوا فى حلَبة السباق وبرؤوس الثيران التى قتلتهم.. ما هذا العنف، لقد كان الأمر فى العصور السابقة أسوأ حيث كان الناس يجتمعون لمشاهدة مباراة بين رجلين لا تنتهى إلا بموت أحدهما هل لدى كل منا ساديّة مخبوءة يودّ تغذيتها بمشاهدة المصارعات الدموية؟ والجمهور يصفق فرحا بينما تغطى الدماء وجوه المتصارعين الذين يفقدون حياتهم وعيونهم من أجل بضعة ملايين وتصفيق المعجبين والمعجبات؛ ولم أستطع أن أشاهد مباراة الرجل العجوز مايك تايسون وجيك بول فتركت ولدى يكمل المشاهدة وخلدت إلى تفكير عميق «وللناس فيما يعشقون مذاهبُ» هل ثمة علاقة بين اللعب السادى الحقيقى واللعب السادى الافتراضى، هل مهَّدَ هذا لذاك؟ وكيف ستبدو الأجيال القادمة التى غُذيَت بألعاب التعذيب والتنكيل والقتل؟ ما رأى علمائنا التربويين وعلماء النفس والاجتماع والفلسفة والمجالس بأنواعها؟
مختتم الكلام
فاخْترْ اسمكَ، واحْفرْ اسمَكَ فى كفّكَ، لا تتركْ قومَكَ يختارونه
فسيفنى جسدُكَ وسيبقى اسمكَ
فلماذا تفنَى أنتَ ويبقى ما اختاروه؟
فهذا زمنٌ يحيا فيه الناس بلا أسماءْ.


[email protected]
 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق