تعفن الدماغ "1"

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الإثنين 22/ديسمبر/2025 - 07:13 م 12/22/2025 7:13:39 PM


 

لقد أصبح مصطلح "تعفن الدماغ" (Brain Rot) ظاهرة متنامية لا يمكن تجاهلها في عصر السرعة الرقمية. يشير هذا المفهوم، إلى التدهور الملحوظ في الوظائف الإدراكية والارهاق العقلي الذي يواجه الأفراد، وبشكل خاص بين صفوف الشباب الذين نشأوا في بيئة مشبعة بالمحتوى الرقمي المنخفض الجودة.
وتتجلى أعراض هذه المتلازمة بوضوح في انخفاض حاد في القدرة على التركيز العميق (Deep Focus). فالدماغ الذي يتعرض لوابل مستمر من التنبيهات والتغييرات البصرية السريعة (مثل مقاطع "Shorts" و "Reels") يعتاد على دورة المكافأة السريعة، ويسعى بانتظام للحصول على "جرعات الدوبامين اللحظية" (Quick Dopamine Hits). هذا التدريب القسري يضعف قدرة الفرد على الانخراط في مهام تتطلب انتباهاً مستمراً، مثل قراءة مقال طويل أو حل مشكلة معقدة.
كما تتأثر الذاكرة العاملة (Working Memory)، وهي الآلية المسؤولة عن الاحتفاظ بالمعلومات ومعالجتها مؤقتاً. الاستهلاك المفرط للمحتوى العابر يجعل الدماغ يمارس التمرير السلبي (Passive Scrolling)، الذي يشبه إلى حد كبير "التمرير الشبيه بالزومبي" (Zombie Scrolling)، حيث ينخرط المستخدم في استهلاك لا نهائي للمحتوى دون استيعاب أو تفاعل معرفي حقيقي، مما يؤدي إلى الشعور بالإرهاق والإنهاك العقلي الدائم.
ونؤكد هنا على التمييز بين "تعفن الدماغ" و "الإدمان الرقمي". الإدمان يركز على كمية الوقت الذي يقضيه الفرد على الشاشة، بينما متلازمة تعفن الدماغ تركز على جودة هذا المحتوى. الأزمة هنا ليست في استخدام الإنترنت، بل في الاستخدام السلبي الذي لا يحفز التفكير النقدي أو التعلم الهادف.
الخلاصة: لا يمثل "تعفن الدماغ" مجرد ظاهرة مؤقتة، بل هو نتيجة مباشرة لتصميم النظام البيئي الرقمي القائم على اقتصاد الانتباه (Attention Economy)، حيث يتم إعادة تهيئة أدمغتنا لتفضيل السرعة على العمق. هذه المتلازمة تتطلب منا تقييماً نقدياً عاجلاً لكيفية استهلاكنا للمعلومات، لتجنب خسارة مهاراتنا الإدراكية الأساسية في مواجهة المد الرقمي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق