الدولة التي لا تهزمها الشائعات ولا تربكها الاختبارات

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف


في لحظات الارتباك الكبرى تختبر الاوطان بقدرتها على التمييز بين الحقيقة والضجيج وبين ما يستحق القلق وما يراد له ان يبدو كذلك عن عمد ما جرى تداوله اخيرا من تسريبات مزعومة لا يمكن قراءته باعتباره خبرا عابرا، بل بوصفه حلقة جديدة في مسلسل استهداف الوعي الوطني ومحاولة النيل من تماسك مؤسسات، صنعت استقرار هذا البلد بعرقها ودماء رجالها.

فالجيش والشرطة والاجهزة الامنية المصرية لم يكونوا يوما كيانات متصارعة بل اعمدة دولة قررت منذ سنوات ان تواجه الاخطار بصلابة دولة تعرف ماذا تريد، وتحت قيادة سياسية اختارت ان تحمي الوطن بالفعل لا بالشعارات.

تسريب واحد قادر في لحظة على اختبار وعي الناس وعلى كشف نوايا الصفحات المغرضة التي تعيش على الفوضى وتتنفس من رئة التشكيك وتراهن دائما على كسر الثقة بين مؤسسات الدولة والرأي العام هذا ليس حديثا عن واقعة بعينها بقدر ما هو تفكيك لمنهج قديم يتجدد كلما ظن اصحابه ان الذاكرة الوطنية قصيرة وان الشعوب لا تتعلم من دروسها القاسية.

تسريب يتم تداوله على نطاق واسع يصاغ بلغة مثيرة ويقدم باعتباره حقيقة مكتملة بينما هو في جوهره مادة خام للتشويه المقصود الهدف منها خلق صورة ذهنية مضطربة عن دولة تتماسك منذ سنوات وسط عواصف اقليمية لا تهدأ الفكرة هنا ليست في التفاصيل التي يجري تضخيمها بل في السياق الذي يتم فيه دفع القصة الى الواجهة وكأنها دليل على صدام داخلي بينما الواقع يقول ان الدولة التي صمدت في وجه الارهاب والمؤامرات لا يمكن ان تهتز بسبب رواية مبتورة.

التاريخ القريب يعلمنا ان كل مرة اقترب فيها الوطن من استعادة عافيته خرجت علينا محاولات خبيثة لضرب العمود الفقري للدولة عبر بث الشك بين ابناء المؤسسة الواحدة هذا الاسلوب ليس جديدا فقد استخدم في مراحل سابقة حين كانت البلاد على حافة الانهيار وكان الرهان دائما على اشعال نار الفتنة بين من يحملون السلاح دفاعا عن الارض والشعب لكن ما فشل بالامس يفشل اليوم لان التجربة صنعت وعيا مختلفا.

تسريب من هذا النوع لا يمكن فصله عن حالة الهوس التي تعيشها منصات معادية تدرك ان قوة الدولة الحديثة لا تقوم فقط على السلاح بل على تماسك مؤسساتها وثقة الناس فيها ولهذا يتم اللعب على العاطفة ومحاولة الايحاء بان هناك صراعا على النفوذ بينما الحقيقة ان ما يجري داخل اجهزة الدولة تحكمه قواعد صارمة ومسارات محاسبة لا تخضع للانفعال ولا تدار على مقاطع مجتزأة.

الربط بين الماضي والحاضر هنا ضروري فالدولة التي واجهت احتلالا وارهابا وفوضى لم تفعل ذلك الا بتكامل اجهزتها وبقيادة سياسية ادركت مبكرا ان الامن ليس شعارات بل عمل مؤسسي منضبط لهذا كان بناء القوة الشاملة خيارا استراتيجيا لا رفاهية فيه قوة تحمي القرار الوطني وتمنع الابتزاز وتفرض الاحترام في محيط لا يعترف الا بالاقوياء.

تسريب آخر او رواية مشابهة ستظل تظهر من حين لاخر لكن الفارق اليوم ان المواطن لم يعد ذلك المتلقي الساذج الذي يصدق كل ما يقال لقد خبر السنوات الصعبة ورأى كيف وقف الجيش والشرطة والاجهزة الامنية سدا منيعا امام مشروع تفكيك الدولة ودفعوا ثمنا باهظا من الدماء لتبقى البلاد واقفة هذا الوعي الشعبي هو خط الدفاع الاول وهو ما يجعل محاولات التشويه تصطدم بجدار صلب.

الحديث عن هيبة الدولة لا ينفصل عن احترام القانون والمحاسبة الداخلية حين تقع اخطاء فردية فالقوة الحقيقية لا تعني الانكار بل تعني القدرة على التصحيح دون ضجيج ودون السماح لاعداء الوطن بتحويل الامر الى مادة تحريضية هنا تظهر قيمة القيادة التي توازن بين الحزم والعدل وتدير الملفات الحساسة بعقل بارد لا ينجر وراء الاستفزاز.

تسريب يستخدم كاداة هدم بينما الحقيقة ان الدولة التي تبني جمهورية جديدة لا يمكن ان تسمح بان تتحول مؤسساتها الى ساحة صراع كما يتمنى البعض ما يجري هو اختبار جديد للوعي الوطني والنتيجة محسومة لمن يعرف جذور هذا البلد ويؤمن بان الجيش والشرطة وجميع الاجهزة الامنية يعملون في خندق واحد لحماية الوطن.

ولا بد من القول إن مصر التي عبرت اخطر المنعطفات لن تعود الى الوراء وان محاولات اللعب على التناقضات المزعومة لن تنجح امام دولة تعلمت من تاريخها وصنعت من التجربة درعا ومن الوعي سلاحا هذه ليست كلمات تطمين بل قراءة واقعية لمسار وطن اختار ان يكون قويا مستقلا مهما تعددت محاولات التشكيك ومهما تكرر كل تسريب بنفس الروح ونفس الهدف ونفس الفشل.

فان الدولة التي تقودها قيادة واعية مثل الرئيس عبدالفتاح السيسي لا يمكن ان تهتز بتسريب او رواية مبتورة لان البناء الذي جرى خلال سنوات لم يكن عشوائيا بل كان مشروعا متكاملا اعاد للجيش المصري مكانته وهيبته وعاد بالشرطة المصرية الى قلب معادلة الامن الوطني بقوة القانون والانضباط المؤسسي بقيادة وزير داخلية اللواء محمود توفيق الذي يدير ملفا شديد التعقيد بحكمة وثبات كما ان القوات المسلحة تحت قيادة الفريق اول عبدالمجيد صقر تواصل دورها التاريخي كدرع صلب يحمي الدولة لا يتورط في صراعات ولا ينجر لاستفزازات بل يضع مصلحة الوطن فوق اي اعتبار.

وفي هذا التلاحم الصادق بين القيادة السياسية ومؤسساتها الامنية والعسكرية يكمن سر بقاء مصر قوية متماسكة عصية على الفوضى وقادرة على تحويل كل محاولة تشكيك الى شهادة جديدة على صلابة دولة تعرف طريقها جيدا ولا تترك مستقبلها رهينة صفحات مأجورة أو عقول مرتبكة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق