٧٥ مليون جنيه خل الأبواب المغلقة..
فى الوقت الذى يبحث فيه المواطن البسيط عن سرير علاج أو طبيب ينقذه من طوابير المستشفيات، يقف مركز طب الأسرة بقرية العركى بمحافظة قنا مغلقًا فعليًا ومشلولًا وظيفيًا، رغم تشييده بمواصفات فندقية وتكلفة قاربت 75 مليون جنيه، ليتحول من مشروع خدمى ضمن مبادرة «حياة كريمة» إلى مبنى بلا خدمة.. ومال بلا عائد.
افتتاح رسمى.. وتشغيل وهمى
المركز الذى جرى افتتاحه فى أواخر عام 2023، خلال عهد اللواء أشرف الداودى، محافظ قنا الأسبق، والدكتور راجى تواضروس، وكيل وزارة الصحة الأسبق، لم يشهد منذ ذلك الحين أى تشغيل حقيقى، إذ يخلو من الأطباء، وأطقم التمريض، والأجهزة الطبية الأساسية، ما جعله عاجزًا عن تقديم أبسط خدمات الرعاية الصحية الأولية، رغم إعداده نظريًا للعمل ضمن منظومة التأمين الصحى الشامل.
مبنى فاخر بلا مضمون
أُنشئ المركز على مساحة إجمالية 2025 مترًا مربعًا، منها 875 مترًا مبانٍ موزعة على ثلاثة طوابق، بتصميم حديث وتشطيبات داخلية عالية الجودة، إلا أن هذه الإمكانيات ظلت حبيسة الجدران، فى غياب تام لخطة تشغيل أو جدول زمنى واضح لدخول المركز الخدمة.
شهادات من الأهالي: الخدمة صفر
وقال سعيد محمد سليم بطيحة، أحد الكوادر الشبابية بقرية العركى، إن المركز يمثل نموذجًا صارخًا للفجوة بين الإنشاء والتشغيل، مشيرًا إلى أن المشروع أُقيم ضمن المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» التى تستهدف تحسين مستوى المعيشة بالقرى، إلا أن الواقع الحالى أفرغ المشروع من هدفه الأساسى.
وأضاف أن الوحدة لا تضم أطباء فى أى تخصص، ولا أطقم تمريض كافية، ولا أجهزة أو مستلزمات طبية، مؤكدًا أن المبنى -رغم فخامته- لا يقدم خدمة واحدة لأهالى القرية.
ضغط خانق على مستشفى فرشوط
وأوضح «بطيحة» أن تشغيل مركز طب الأسرة بالعركى كان من شأنه تفريغ الضغط المتزايد على مستشفى فرشوط المركزى، عبر استقبال الحالات البسيطة والطوارئ الأولية، خاصة أن قرية العركى تُعد مجمعًا قرويًا كبيرًا يضم عدة قرى تابعة، ما يجعل غياب المركز عن الخدمة تهديدًا مباشرًا للحق فى الرعاية الصحية.
غياب الأمن والنظافة.. وإدارة بلا حضور
وكشف مصدر مطلع لـ«الوفد» أن وزارة الصحة لم تتعاقد حتى الآن على خدمات الأمن والنظافة للمركز منذ افتتاحه، فى مخالفة صريحة لأبسط معايير التشغيل، مشيرًا إلى أن الاعتماد على دخول المركز الخدمة «مرهون بتطبيق التأمين الصحى الشامل»، وهو تبرير وصفه الأهالى بغير المقبول.
سكن أطباء مجهز.. وأطباء غائبون
وأوضح المصدر أن المبنى يضم سكنًا مفروشًا للأطباء بمستوى فندقى، أُعد بالكامل لاستقبال الطواقم الطبية، إلا أنه ظل خاليًا من قاطنيه، ما يطرح تساؤلات ملحّة حول أسباب عدم الاستعانة بهذه الإمكانيات لتشغيل المركز وتقديم الخدمة للمواطنين.
مطالب عاجلة ومحاسبة منتظرة
وطالب أهالى قرية العركى الدكتور خالد عبد الحليم، محافظ قنا، والدكتور أحمد محمود عبد الصادق، وكيل وزارة الصحة، بفتح تحقيق عاجل، ووضع جدولا زمنيا مُلزما لتشغيل المركز، يشمل:
توفير أطباء فى مختلف التخصصات، وكذا تعيين أطقم تمريض بنظام العمل الكامل ودعم المركز بالأجهزة والمستلزمات والأدوية وأيضًا تفعيل خدمات الأمن والنظافة فورًا.
وأكد الأهالى أن استمرار غلق المركز أو تشغيله الشكلى يمثل إهدارًا صريحًا للمال العام، وتناقضًا صارخًا مع أهداف الدولة فى تحسين الخدمات الصحية بالقرى، مطالبين بمحاسبة كل من تسبب فى تعطيل هذا الصرح الطبى.

















0 تعليق