اختلف أهل العلم في تحديد مفهوم "آل البيت"؛ فبعضهم يرى أنهم زوجات النبي ﷺ فقط، بينما يرى آخرون أنهم علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم، ويذهب فريق ثالث إلى أنهم يشملون أولاده وأزواجه وعليًا والحسن والحسين، والراجح أن "آل البيت" هم من تحرم عليهم الصدقة، ويشملون آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل العباس، وقد نصت الأحاديث الصحيحة على وجوب محبتهم، والنهي عن بغضهم أو إيذائهم، مؤكدة على مكانتهم العظيمة في الإسلام، وتعد محبتهم دليلًا على الإيمان، وبغضهم علامة النفاق.
أقوال أهل العلم في من هم آل البيت
قال عطاء وعكرمة وابن عباس: هم زوجاته -رضي الله عنهن- خاصة، لا رجل معهن، وذهبوا إلى أن البيت أريد به مساكن النبي ﷺ ؛ لقوله تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يتلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} [الأحزاب: ٣٤].
وذهبت فرقة منهم أبو سعيد الخدري وجماعة من التابعين منهم مجاهد وقتادة والزمخشري والكلبي أنهم: علي وفاطمة والحسن والحسين خاصة.
وذهب فريق منهم الفخر الرازي والقسطلاني وآخرون إلى أنهم أولاده وأزواجه -رضي الله عنهم- والحسن والحسين، وعلي منهم؛ لمعاشرته فاطمة وملازمته النبي ﷺ .
آل البيت هم من تحرم عليهم الصدقة
وذهب زيد بن أرقم إلى أنهم من تحرم عليهم الصدقة، وهم آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل العباس، وهو الراجح.
آل البيت هم الأشراف
قال السيوطي: هؤلاء هم الأشراف حقيقة في سائر الأعصر، وهو ما عليه الجمهور، وهو معنى رواية مسلم عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ : «أما بعد، أيها الناس، إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وأنا تارك بينكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به» فحثَّ على كتاب الله ورغَّب فيه، ثم قال: «وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي» قالها ثلاثا، فقال له حصين: "ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟" قال: "نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده" قال: "ومن هم"؟ قال: "آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل العباس رضي الله عنهم".
تخصيص آل البيت بعلي وبنيه
والشيعة يخصون أهل بيت النبي ﷺ بعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم، لكن رواية زيد السابقة تدل على أن آله من حرم الصدقة، أو أنه ليس المراد بالأهل الأزواج فقط، بل هم مع آله ﷺ .
وقد تنازع الناس في آل محمد ﷺ من هم؟ فقيل: أمته، وهذا قول طائفة من أصحاب النبي ﷺ ومالك وغيرهم، وقيل: المتّقون من أمته، وإليه ذهب طائفة من أصحاب أحمد وغيرهم، واستدلوا بحديث موضوع هو: «آلُ محمد كلُّ مؤمن تقيّ» وبنى على ذلك طائفة من الصوفية أن آل محمد ﷺ هم خواص الأولياء، كما ذكر الحكيم الترمذي.
لكن الصحيح أن آل محمد هم أهل بيته ﷺ ، وهو المنقول عن الشافعي وأحمد رحمهما الله.
وجوب محبة آل البيت (رضي الله عنهم)
وآل بيت النبي ﷺ يجب حبهم؛ أخرج ابن سعد: قال رسول الله ﷺ : «استَوْصُوا بأهل بيتي خيرًا؛ فإنّي أخاصمكم عنهم غدًا، ومن أكن خصمه خصمه الله».
ونقل القرطبي عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ} [الضحى: ٥] قال: رضا محمد ﷺ ألا يدخل أحد من أهل بيته النار.
وأخرج البخاري عن ابن عمر قال أبو بكر: خطب النبي ﷺ فقال: «أذكركم الله في أهل بيتي ثلاثا» وروى الإمام أحمد أن رسول الله ﷺ قال: «إن الله سائلكم كيف خلفتموني في كتاب الله وأهل بيتي» وروى الحاكم والترمذي وصححه على شرط الشيخين: قال ﷺ : «أحِبُّوا الله لما يغذوكم به، وأحبوني بحب الله، وأحبوا أهل بيتي بحبي».


















0 تعليق