في مشهد صادم يعكس حجم الخطر الذي يهدد أرواح المواطنين بدائرة الزاوية الحمراء داخل العقارات السكنية، انهار منذ نصف ساعة تحديداً سقف حمام ومطبخ بعقار رقم 18 شارع محمود النجار المتفرع من شارع أحمد حشاد بمنطقة الزاوية الحمراء، في واقعة خطيرة كادت تتحول إلى مأساة قاتلة لعشرات من الأبرياء والكادحين.
لم يكن الانهيار مجرد تصدع عابر، بل سقوط مفاجئ ومكتمل لسقف يفترض أنه يحمي السكان، قبل أن ينهار في ثوان معدودة، ويزرع الرعب في قلوب الأهالي الذين هرعوا لإنقاذ أنفسهم وأطفالهم، بينما تصرف المواطنون بسرعة لإغلاق محابس الغاز، إدراكًا منهم أن أي شرارة كانت كفيلة بتحويل الواقعة إلى انفجار مدمر.
وبحسب شهود عيان، من داخل الحادث، سقط سقف الدور السادس على الدور الخامس بشكل مفاجئ ودون أي إنذار مسبق، ما تسبب في حالة من الذعر والرعب بين قاطني العقار، والشارع بالكامل، خاصة مع سماع دوي الانهيار وانتشار الأتربة والخرسانة المتساقطة داخل الشقق، وأكد الشهود أنه لا توجد إصابات خطيرة حتى الآن، بعد أن جرى إخلاء السكان وإنقاذهم في وقت قياسي.
وفي لحظات حرجة، تحرك المواطنون بسرعة لافتة، حيث بادروا إلى غلق محابس الغاز فور وقوع الانهيار، في إجراء وقائي أنقذ المنطقة من احتمال وقوع انفجار كان من شأنه مضاعفة الخسائر وتحويل الحادث إلى كارثة واسعة النطاق، خاصة في ظل الكثافة السكانية المرتفعة التي تتميز بها منطقة الزاوية الحمراء.
وعلى الفور، انتقلت قوات قسم شرطة الزاوية الحمراء إلى موقع الحادث، وفرضت كردونًا أمنيًا حول العقار المنهار جزئيًا، كما حضرت قوات الحماية المدنية وقيادات من وزارة الداخلية لمعاينة موقع الانهيار، وتأمين المكان، وفحص مدى تأثر باقي أجزاء العقار، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الأرواح والممتلكات.
مصادر مسؤولة بمحافظة القاهرة كشفت، في تصريحات خاصة، أن المعاينة المبدئية أظهرت أن السبب الرئيسي للانهيار يعود إلى تهالك شبكات الصرف الصحي داخل العقار وغياب أعمال الصيانة الدورية، ما أدى إلى تسرب المياه بشكل مستمر داخل العناصر الإنشائية، هذا التسرب تسبب في تآكل حديد التسليح وضعف الخرسانة، حتى فقد السقف قدرته على التحمل وسقط فجأة «في غمضة عين»، دون أي مقدمات واضحة.
وأكدت المصادر أن هذا النوع من الحوادث لا يحدث بين ليلة وضحاها، بل هو نتيجة تراكم سنوات من الإهمال والتغاضي عن الشكاوى المتكررة، مشيرة إلى أن العقار كان يعاني من مشكلات واضحة في الصرف الصحي، كان من الممكن رصدها والتعامل معها مبكرًا، لو وجدت متابعة حقيقية من الجهات التنفيذية المختصة.
من جهتهم، عبر أهالي شارع محمود النجار عن غضبهم الشديد واستيائهم البالغ مما وصفوه بـ«الإهمال المزمن» الذي يضرب المنطقة، مؤكدين أن هذا الحادث ليس الأول من نوعه، وأنه يمثل حلقة جديدة في سلسلة طويلة من المخاطر التي تهدد حياتهم يوميًا داخل منازلهم.
وقال عدد من السكان إن رئيسة حي الزاوية الحمراء لا تتواجد في الشوارع الداخلية ولا تستمع إلى شكاوى المواطنين المتعلقة بتهالك العقارات، ومشكلات الصرف الصحي، وتسرب المياه، وتصدعات الأسقف، على حد تعبيرهم، وأضافوا أن الوجود الرسمي يقتصر، بحسب وصفهم، على «الظهور أمام الكاميرات والتصوير مع الأطفال أمام المدارس»، بينما تترك المناطق الداخلية لمصيرها، دون رقابة أو صيانة أو حلول جذرية من رئيسة الحي التي لا تتعامل مع الشكاوى مثل جميع رؤساء الأحياء السابقين.
وأكد الأهالي أنهم تقدموا بشكاوى متكررة من خلال الصفحة الرسمية فيسبوك، خلال فترات سابقة بشأن تهالك البنية التحتية داخل الشارع، إلا أن هذه الشكاوى قوبلت بالتجاهل أو التسويف، من رئيسة الحي، ما أدى في النهاية إلى وقوع هذا الحادث الخطير، الذي كان من الممكن أن يحصد أرواحًا بريئة، لولا تدخل العناية الإلهية وسرعة تصرف السكان.
وحذر المواطنون من أن استمرار الوضع على ما هو عليه ينذر بكوارث أكبر، خاصة في ظل وجود عدد كبير من العقارات التي تعاني من نفس المشكلات، مؤكدين أن «السكوت عن الإهمال أصبح شراكة فيه»، وأن أرواح المواطنين لا يجب أن تكون ثمنًا للتقصير أو غياب المتابعة.
وفي هذا السياق، وجه أهالي شارع محمود النجار مناشدة عاجلة إلى الدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية، والدكتور إبراهيم صابر محافظ القاهرة، والدكتور حسام فوزي، مطالبين بـالتدخل الفوري لمحاسبة المقصرين، وفتح تحقيق عاجل في ملابسات الحادث، وتقييم الوضع الإنشائي لباقي العقارات بالمنطقة.
كما طالب الأهالي بـإقالة رئيسة حي الزاوية الحمراء، معتبرين أن بقاءها في موقع المسؤولية في ظل تكرار الأزمات يمثل تهديدًا مباشرًا لأرواح المواطنين، ويعكس فشلًا في إدارة ملف السلامة العامة داخل الحي.
وشدد المواطنون على أن ما حدث اليوم يجب ألا يقيد ضد مجهول أو يختزل في بيان عابر، بل يجب أن يكون نقطة فاصلة لإعادة النظر في منظومة المتابعة والصيانة داخل الأحياء الشعبية، مؤكدين أن الوقاية كانت ولا تزال أقل كلفة من دفع ثمن الأرواح والمآسي.
وطالب الأهالي في حديثهم برسالة واضحة: «نحن لا نطلب ترفًا ولا وعودًا، نطلب فقط حقنا في حياة آمنة داخل منازلنا، ما حدث جرس إنذار أخير، وإذا لم تتحرك الجهات المعنية الآن، فإن الكارثة القادمة قد لا تمنح الجميع فرصة للنجاة».

















0 تعليق