قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، إن شهر رجب يعد من الأشهر الحرم التي تعظم فيها حرمة المعاصي، مشيرًا إلى أن الذنوب محرمة في كل وقت، لكنها في هذه الأشهر تكون أشد حرمة.
وأوضح "جمعة" عبر صفحته الرسمية قائلاً إن رجب سمي بـ"رجب الفرد" لأنه يأتي منفردًا عن الأشهر الحرم المتتابعة، وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، كما سمي "رجب الأصم" لعدم سماع قعقعة السلاح فيه، و"رجب الأصب" لأن الله يصب فيه الرحمات والبركات والسكينة على عباده.
استعداد روحي لشهر رمضان
وأكد "جمعة" أن شهر رجب يمثل مقدمة لشهر رمضان وتهيئة لشعبان، داعيًا إلى استثماره في الاستعداد الروحي والانتقال من معصية الله إلى طاعته، ومن الغفلة إلى المسارعة في طلب المغفرة والرضا الإلهي.
وشدد على أهمية التوبة الصادقة، التي يعزم فيها الإنسان على عدم العودة إلى الذنب، موضحا أن طبيعة الإنسان الخطأ، مستشهدا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون".
وأشار إلى أن لفظي "خطّاء" و"توّاب" جاءا بصيغة تدل على كثرة الفعل وتكراره، ما يعني ضرورة الإكثار من التوبة وتجديدها، وعدم اليأس عند الوقوع في الذنب، بل العودة إلى الله في كل مرة.
واستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الوارد في صحيح مسلم، والذي يبين شدة فرح الله بتوبة عبده، مؤكدا أن باب الأمل مفتوح دائما أمام التائبين.
واختتم الدكتور علي جمعة حديثه بالتأكيد على دعوة القرآن الكريم إلى الفرار إلى الله، مستشهدا بقوله تعالى: «ففروا إلى الله»، موضحا أن المقصود هو الفرار من الذنوب ومن كل ما يشغل عن الله، واللجوء إليه سبحانه وتعالى.
اغتنام نفحات رجب
وأضاف التقرير أن الدكتور علي جمعة دعا المسلمين إلى اغتنام نفحات شهر رجب بالإكثار من الطاعات، مثل الصلاة والصيام والذكر وقراءة القرآن، مؤكدا أن هذا الشهر يمثل فرصة حقيقية لمراجعة النفس وتصحيح المسار قبل دخول شهر رمضان المبارك.
وأوضح أن تعظيم الأزمنة والأمكنة من سنن الشريعة الإسلامية، مشيرًا إلى أن الله سبحانه وتعالى يفتح في هذه المواسم أبواب الرحمة لعباده، ويهيئ القلوب للتقرب إليه، وهو ما يستوجب على المسلم أن يكون أكثر حرصا على الاستقامة وحسن الخلق، والابتعاد عن الخصومات والعداوات.
كما شدد على أن التوبة لا تقتصر على ترك الذنوب فحسب، بل تشمل الندم على ما فات، والإقلاع عن المعصية، والعزم الصادق على عدم العودة إليها، مع رد الحقوق إلى أصحابها إن كانت المعصية متعلقة بحقوق العباد.
وأشار مفتي الجمهورية السابق إلى أن من أعظم معاني التوبة شعور العبد بالافتقار إلى الله، والانكسار بين يديه، موضحا أن الله لا يمل من عبده إذا رجع إليه، بل يحب التوابين ويفرح بعودتهم مهما تكرر الخطأ.
وأكد أن على المسلم ألا يقنط من رحمة الله، مهما كثرت ذنوبه، مستشهدا بقوله تعالى: «قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله»، لافتا إلى أن اليأس من رحمة الله يعد من أخطر الآفات التي تصرف الإنسان عن طريق الهداية.
واختتم التقرير بالتأكيد على أن شهر رجب يمثل دعوة مفتوحة لكل إنسان لبدء صفحة جديدة مع الله، قائمة على الصدق والإخلاص، تمهيدا لاستقبال شهر رمضان بقلب سليم ونفس مطمئنة، مستحضرا معنى الفرار إلى الله كمنهج حياة يحقق السكينة والطمأنينة في الدنيا والآخرة.
اقرأ أيضُا
علي جمعة: الصلاة طريق السلام النفسي وبداية الاستقامة الحقيقية

















0 تعليق