في مفاجأة سياسية عكست طبيعة المنافسة الشرسة، شهدت انتخابات مجلس النواب 2025 تراجعاً لافتاً لمرشحي الأحزاب الكبرى في الدوائر الفردية، حيث استقرت حصيلة خسائر "الثلاثة الكبار" عند 64 مقعداً حتى الآن. هذا المشهد أعاد رسم خريطة القوى تحت القبة، وكشف عن صمود لافت للمستقلين والقوى السياسية الصاعدة في مواجهة الماكينات الانتخابية التقليدية.
فاتورة الخسائر.. "حماة الوطن" في الصدارة
سجلت لغة الأرقام تراجعا غير متوقع لمرشحي حزب "حماة الوطن"، الذي فقد نحو 32 مقعداً في معارك الصناديق، بينما لم يكن حزب "الجبهة الوطنية" بمعزل عن هذه الموجة، إذ خسر 19 مقعداً من حصته المتوقعة. وفي السياق ذاته، تجرع حزب "مستقبل وطن" مرارة الخسارة في 13 مقعداً بداخل دوائر كانت تصنف تاريخيا كمعاقل انتخابية حصينة له، مما يشير إلى تغير ملموس في مزاج الناخب المصري الذي اتجه لتغليب الكفاءات الفردية والروابط المباشرة.
ماراثون الإعادة.. 202 مرشحا يحبسون الأنفاس
وعلى وقع هذه النتائج، انطلقت جولة الإعادة للمرحلة الثانية لتشمل المقاعد الفردية فقط، حيث تجرى الانتخابات على مدار يومي الأربعاء والخميس 17 و18 ديسمبر الجاري. ويتنافس في هذه الجولة الحاسمة 202 مرشحاً للفوز بـ 101 مقعد برلماني، موزعين على 55 دائرة انتخابية في 13 محافظة، وسط استنفار حزبي واسع لمحاولة تعويض ما فُقد في الجولة الأولى.
الدلتا والقاهرة.. بؤر الاشتعال الانتخابي
تتصدر محافظات الدلتا مشهد الإعادة بكثافة، حيث تجرى جولة الحسم في "الدقهلية" و"الغربية" و"كفر الشيخ" و"المنوفية" بكافة دوائرها بالكامل، مما يجعل هذه المحافظات ساحة لتكسير العظام بين المرشحين. وفي الشرقية، تشتعل المنافسة في 8 دوائر، بينما تشهد القليوبية إعادة في 5 دوائر.
أما في العاصمة القاهرة، فتُجرى الإعادة في 7 دوائر من أصل 19، وهو ما يعكس استقراراً نسبياً في بعض الدوائر مقابل صراعات محتدمة في دوائر أخرى ذات طبيعة ديموغرافية خاصة.
زحف الصناديق في مدن القناة وسيناء
ولم تكن محافظات القناة وسيناء بعيدة عن أجواء الإعادة؛ ففي بورسعيد استمر توافد المواطنين بكثافة للإدلاء بأصواتهم في الدائرة الوحيدة المتبقية، وهو ذات المشهد الذي تكرر في السويس، وشمال وجنوب سيناء، ودمياط، بواقع دائرة واحدة لكل منها، بالإضافة إلى 3 دوائر في الإسماعيلية.
هذه الجولة بمثابة "الفرصة الأخيرة" للقوى الحزبية لتعديل الكفة، وللمستقلين لإثبات قدرتهم على اختراق المشهد السياسي، في انتخابات وصفت بأنها الأقوى تنظيماً والأكثر تعبيراً عن التعددية في الآونة الأخيرة.


















0 تعليق