في ظل الجدل الواسع الذي أثارته حوادث اعتداء جنسي داخل عدد من المدارس المصرية خلال الأسابيع الأخيرة، خرج رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي بتعليق رسمي، مؤكدًا أن الحكومة تتعامل مع هذه الوقائع بجدية كاملة، رغم تأكيده أنها لا ترقى إلى مستوى الظاهرة، لكنها تظل أحداثًا خطيرة ودخيلة على المجتمع المصري وقيمه.
وجاءت تصريحات رئيس الحكومة خلال مؤتمر صحفي، شدد فيه على أن هذه الحوادث الفردية تمثل ناقوس خطر يستوجب تحركًا عاجلًا ومنظمًا من الدولة والمجتمع على حد سواء.
نقاش حكومي حول تغير السلوكيات المجتمعية
وأوضح مدبولي أن الحكومة بدأت بالفعل مناقشات موسعة حول ما وصفه بـ«التغيرات في السلوكيات داخل المجتمع المصري»، بمشاركة عدد من الوزارات المعنية، من بينها وزارات الأوقاف، والشباب والرياضة، والتضامن الاجتماعي، إلى جانب مؤسسات أخرى.
وأشار إلى أن هذه النقاشات تتضمن عقد ندوات وبرامج توعوية تستهدف مواجهة الانحرافات السلوكية التي ظهرت مؤخرًا، مع التركيز على دور الأسرة، والمؤسسات التعليمية، ودور العبادة في إعادة ترسيخ القيم الأخلاقية.
الوقائع ليست ظاهرة.. لكنها مقلقة
ورغم تأكيده أن حوادث الاعتداء الجنسي داخل المدارس لا تمثل ظاهرة عامة، عبّر رئيس الوزراء عن قلقه البالغ من تكرارها في فترة زمنية قصيرة، معتبرًا أنها غريبة عن ثقافة المجتمع المصري وقيمه الدينية والأخلاقية.
وأكد أن خطورة هذه الوقائع لا تكمن فقط في عددها، بل في طبيعتها، خاصة أنها تستهدف أطفالًا في مراحل عمرية مبكرة، وهو ما يتطلب استجابة تتجاوز الحلول التقليدية.
العقوبات وحدها لا تكفي
وشدد مدبولي على أن تشديد العقوبات، رغم أهميته، لا يمثل الحل الوحيد لمواجهة هذه الجرائم، معتبرًا أن الوقاية المسبقة أكثر أهمية من رد الفعل بعد وقوع الجريمة.
وأوضح أن الحكومة تعمل على إعداد استراتيجية متكاملة تشارك فيها جميع الوزارات والجهات المعنية، تقوم على محاور متعددة تشمل التوعية، والرياضة، والدور الديني بمختلف أطيافه، إلى جانب تثقيف الأطفال أنفسهم بكيفية حماية ذواتهم والتنبه لأي ممارسات مريبة.
قضايا هزت الرأي العام
وشهدت مصر خلال الأسابيع الماضية ثلاث قضايا بارزة للاعتداء الجنسي على الأطفال، كان أبرزها اكتشاف اعتداء عدد من العاملين بمدرسة دولية خاصة بالقاهرة على تلاميذ في مرحلة رياض الأطفال، ما أثار موجة غضب واسعة.
وفي واقعة أخرى بمحافظة الإسكندرية، ألقي القبض على عامل بإحدى المدارس بعد ثبوت اعتدائه على تلاميذ، بينهم فتيات، داخل حديقة المدرسة، وصدر حكم بإحالة أوراقه إلى مفتي الجمهورية تمهيدًا لإعدامه.
أما في مدينة المنصورة، فقد تم ضبط مدرب كرة قدم استغل الأطفال داخل أكاديمية رياضية لممارسة أفعال غير أخلاقية، وقام بتصويرهم وبيع المقاطع المصورة عبر الإنترنت.
رسالة حاسمة من النيابة العامة
وعقب صدور حكم الإعدام في قضية الإسكندرية، أصدرت النيابة العامة المصرية بيانًا أكدت فيه أن التحقيقات والحكم لم تستغرق سوى عشرة أيام فقط، في رسالة وصفتها بـ«الواضحة والحاسمة» لكل من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الجرائم.
وأكدت النيابة التزامها الكامل بحماية الأطفال وصون حقوقهم، وعدم التهاون مع أي اعتداء يقع عليهم، مشيرة إلى أنها تباشر تحقيقات موازية لتحديد أوجه التقصير في الرقابة داخل المؤسسات التعليمية المتورطة.
نحو مقاربة شاملة لحماية الأطفال
وتعكس تصريحات رئيس الوزراء والتحركات القضائية الأخيرة توجهًا رسميًا نحو التعامل مع هذه القضايا من منظور شامل، لا يقتصر على الردع القانوني، بل يمتد إلى معالجة الجذور الاجتماعية والتربوية، في محاولة لمنع تكرار هذه الجرائم وحماية الأطفال من أي تهديدات مستقبلية.

















0 تعليق