اقتصاديون لـ«الدستور»: سياسات حكومية متوازنة تعزز الاستقرار المالي

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في ظل الضغوط الاقتصادية العالمية والإقليمية التي تشهدها مصر  والمنطقة، يؤكد خبراء الاقتصاد أن الدولة المصرية تمضي بخطى ثابتة نحو ترسيخ الاستقرار المالي والنقدي عبر سياسات متوازنة تجمع بين ضبط الموازنة العامة وتحفيز النمو الاقتصادي. 

وتأتي هذه السياسات في إطار رؤية شاملة ترتكز على خفض الدين العام والخارجي، وتقليل أعباء خدمته، مع الحفاظ على مسار نزولي لمعدلات التضخم، وتعزيز النشاط الاقتصادي، وتحسين بيئة الاستثمار. 

ويشير الاقتصاديون إلى أن التحديات الإقليمية والعالمية، بما في ذلك ارتفاع تكاليف التمويل، واضطراب سلاسل الإمداد وتقلبات أسعار الطاقة، فرضت على الحكومة تبني سياسات مرنة، تستجيب لمتغيرات الأسواق مع الحفاظ على التوازن الداخلي، بما يسهم في تعزيز ثقة المستثمرين واستقرار الأسواق المالية. 

ويرى الخبراء أن الحزمة الإصلاحية التي تعتمدها الدولة ليست مجرد إجراءات عابرة، بل استراتيجية متكاملة تستهدف معالجة الاختلالات الهيكلية، وضمان استدامة الموارد المالية، وتحفيز الاستثمار الإنتاجي، ما يجعل الاقتصاد أكثر قدرة على مواجهة الصدمات المستقبلية، مع حماية المستهلكين وتحسين مستوى المعيشة.

وأشار الخبراء إلى أن جهود البنك المركزي في توفير الاحتياجات المالية للاقتصاد، وضمان توافر النقد الأجنبي وسداد مستحقات الشركاء الأجانب، لعبت دورًا محوريًا في دعم ثقة المستثمرين واستقرار الأسواق، ما يعزز فرص التعافي والنمو المستدام خلال المرحلة المقبلة. 

ولفتوا إلى أن الحفاظ على المسار النزولي للتضخم يستلزم استمرار التنسيق بين السياسات المالية والنقدية، وتبني إجراءات داعمة للإنتاج المحلي، وتحسين كفاءة إدارة الاحتياطيات الاستراتيجية، ودعم سلاسل الإمداد، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، مع مراقبة الأسواق لضمان وصول نتائج السياسات إلى المواطنين.

وأكد الخبراء أن الحزمة الاستثمارية الحكومية الأخيرة تعكس التزام الدولة بتوفير بيئة اقتصادية جاذبة، وتحفيز القطاعات الإنتاجية، ورفع معدلات التشغيل، بما ينعكس إيجابًا على مستوى معيشة المواطنين، ويعزز ترتيب مصر في مؤشرات سهولة ممارسة الأعمال، ويعزز من مكانة الاقتصاد المصري الإقليمي والدولي. 

وخلصوا إلى أن الاستمرار في الإصلاحات الهيكلية، وتوسيع دور القطاع الخاص، وتحفيز الاستثمار المباشر، ورفع كفاءة الإنتاج المحلي، يمثلان الركائز الأساسية لتحقيق نمو اقتصادي مستدام وخلق فرص عمل حقيقية، ما يسهم في تعزيز الاستقرار المالي والاجتماعي على المدى الطويل.

ويجمع الخبراء على أن السياسات المتبعة اليوم تمثل نموذجًا متوازنًا يجمع بين ضبط المالية العامة وتحفيز النمو، حيث أن خفض الدين العام، واستقرار التضخم، ودعم الاستثمار، وتحسين بيئة الأعمال، تشكل عوامل مترابطة تضمن قدرة الاقتصاد على مواجهة أي صدمات مستقبلية، مع حماية القوة الشرائية للمواطنين، وتوفير فرص عمل جديدة، وتعزيز قدرة مصر على التنافس عالميًا. 

وأكدوا أن التوجه الحكومي نحو تعزيز الاستقرار المالي والنقدي، مع التركيز على الاستثمار الإنتاجي وتشجيع القطاع الخاص، يمثل مسارًا مدروسًا لتحقيق أهداف رؤية مصر 2030، وتعزيز التحول نحو اقتصاد قوي ومتنوع قادر على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، بما يرسخ مكانة مصر كمركز إقليمي للصناعة والخدمات والنمو المستدام

بداية، أكد الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية، أن إعلان الحكومة عن حزمة استثمارية متكاملة في مختلف القطاعات يمثل خطوة بالغة الأهمية في هذا التوقيت، نظرًا لما لها من تأثير مباشر في دعم الاقتصاد الوطني وزيادة معدلات النمو. 

أضاف غراب لـ«الدستور» أن اعتماد هذه الحزمة يعكس التزام الدولة بتوفير بيئة جاذبة للاستثمار، ودعم القطاعات الإنتاجية الرئيسية، بما يسهم في زيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتحسين معدلات الإنتاج، وتحقيق قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد المصري. 

وأوضح أن الحوافز الموجهة لقطاعات الصناعة والزراعة والسياحة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والطاقة والبترول والثروة المعدنية تعمل على تحسين مناخ الاستثمار وتعزيز التصنيع المحلي، بينما تمثل التيسيرات الضريبية جزءًا أساسيًا من هذه المنظومة التحفيزية، بالإضافة إلى تقليص زمن الإفراج الجمركي وزيادة المساندة التصديرية وطرح برامج تمويلية بفائدة مخفضة، وهو ما ينعكس إيجابيًا على التشغيل وسلاسل الإنتاج وخلق فرص عمل جديدة.

في السياق، أوضح الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، أن الحكومة تتحرك وفق مسار واضح لإعادة ضبط أوضاع الدين العام والخارجي في ظل تحديات دولية متزايدة، بما فيها ارتفاع أسعار الفائدة وتراجع تدفقات النقد الأجنبي. 

وأكد الإدريسي لـ«الدستور» أن جوهر الخطة الحكومية يكمن في خفض الدين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، مع تقليل أعباء خدمته، من خلال التحول من الاقتراض الاستهلاكي إلى توجيه التمويل نحو الاستثمار الإنتاجي. 

وأشار إلى أن استهداف خفض الدين العام إلى ما بين 30 و40% من الناتج المحلي خلال المدى المتوسط يمثل خطوة إيجابية، خاصة مع الالتزام بسقوف واضحة للاقتراض الخارجي. 

وأضاف أن إطالة متوسط عمر الدين وتقليل الاعتماد على أدوات الدين قصيرة الأجل مرتفعة التكلفة يسهمان في تخفيف الضغوط السنوية على الموازنة، ويعززان الاستقرار المالي، بينما تمثل زيادة الفائض الأولي وتنمية موارد الدولة من النقد الأجنبي من خلال الصادرات والسياحة وتحويلات المصريين بالخارج ركائز أساسية لنجاح استراتيجية خفض الدين.

في حين، أكد الدكتور محمد عبد الهادي، الخبير الاقتصادي والمالي، أن خدمة الدين تمثل أحد أكبر التحديات أمام الحكومة، نظرًا لاستحواذها على نسبة كبيرة من الإيرادات العامة. 

وأوضح عبد الهادي لـ«الدستور» أن الحكومة تتبع خطة استراتيجية متكاملة تشمل إطالة آجال الدين، وتنويع أدوات التمويل، بما في ذلك إصدار صكوك إسلامية تشاركية تقلل أعباء الفوائد، إلى جانب تعزيز الاستثمار المباشر لزيادة الموارد الدولارية. 

وأضاف أن تحويل جزء من الديون والودائع إلى استثمارات مباشرة على الأرض يساهم في تقليل تكلفة الدين ويحفز النشاط الاقتصادي، مؤكدًا أن الاستثمارات الخليجية والأجنبية، مثل استثمارات دولة الإمارات في رأس الحكمة بقيمة 35 مليار دولار، واستثمارات قطر والكويت المستقبلية، تعكس تحسن الثقة في الاقتصاد المصري، خاصة مع تحسن التصنيف الائتماني الدولي.

وعلى صعيد التضخم، أكد د.حسام الغايش، الخبير الاقتصادي، أن تراجع معدل التضخم إلى 12.3% خلال نوفمبر 2025 يعكس نجاح السياسات النقدية في احتواء الضغوط السعرية. 

وأشار الغايش لـ«الدستور» الي أن الانخفاض جاء نتيجة عدة عوامل، أبرزها تراجع أسعار بعض السلع الغذائية الأساسية، واستقرار سعر الصرف، وزيادة تدفقات رؤوس الأموال، إلى جانب دور السياسة النقدية المتحفظة في كبح الطلب المحلي المفرط. 

وأضاف أن إبقاء البنك المركزي على أسعار الفائدة ساهم في دعم الثقة وفي استقرار الأسواق، مؤكدًا أن تنشيط الإنتاج المحلي للسلع الأساسية، وتحسين إدارة الاحتياطيات الاستراتيجية، وتعزيز التنسيق بين السياسات المالية والنقدية يمثلان عوامل أساسية للحفاظ على هذا الاتجاه.

وقال الدكتور خالد الشافعي، مدير مركز العاصمة للدراسات والأبحاث، إن تراجع التضخم يعكس تحسن مؤشرات اقتصادية مهمة وبدء انحسار الضغوط السعرية التي أثقلت كاهل المواطنين. 

وأوضح الشافعي لـ«الدستور» أن الحفاظ على هذا المسار يتطلب دعم الإنتاج المحلي، وتحسين كفاءة سلاسل الإمداد والنقل والتخزين، وتوسيع قاعدة الإنتاج، إلى جانب تشديد الرقابة على الأسواق ومواجهة الممارسات الاحتكارية لضمان وصول أثر الانخفاض في الأسعار إلى المواطنين.

وأكد د.محمد سعد الدين، رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات المصرية، أن السياسات الحكومية الحالية تدعم استدامة المالية العامة وتعزز قدرة القطاع الإنتاجي، وعلى رأسه قطاع الطاقة، وقال سعد الدين لـ«الدستور» إن خفض أعباء الدين يتيح توجيه موارد إضافية للاستثمار في البنية التحتية والطاقة، مما يعزز القدرة التنافسية للصناعة المصرية ويحد من الاعتماد على الاقتراض الخارجي، ويوفر مصادر مستدامة للنقد الأجنبي. 

وأضاف أن دعم المستثمرين في الطاقة يسهم في تحقيق أمن الطاقة، وزيادة الصادرات، وخلق فرص عمل، بما ينعكس إيجابيًا على الاقتصاد ككل.

كما أكد الدكتور محرم هلال، رئيس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، أن التوجه الحكومي نحو خفض الدين وتحسين مناخ الاستثمار يعزز ثقة مجتمع الأعمال، وقال هلال لـ«الدستور» إن التيسيرات الاستثمارية والضريبية تمثل رسالة طمأنة للمستثمرين المحليين والأجانب، وتدعم التوسع في المشروعات الإنتاجية، وزيادة معدلات التشغيل، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق