يُعد ملف الإيجار القديم واحدًا من أكثر الملفات إثارة للجدل خلال الفترة الأخيرة، في ظل حالة اشتباك واضحة بين الملاك والمستأجرين، خاصة بعد التعديلات الأخيرة التي طالت القانون، وأعادت فتح النقاش حول مستقبل وحدات الإيجار القديم في مصر، وحدود الحقوق والالتزامات بين طرفي العلاقة الإيجارية.
قانون الإيجار القديم ضرورة لا تحتمل التأجيل
أصبح تعديل منظومة الإيجار القديم ضرورة مُلحّة لا يمكن تأجيلها، مع تغيّر طبيعة المدن وارتفاع تكاليف المعيشة وأسعار العقارات والخدمات، وهو ما جعل القيم الإيجارية القديمة بعيدة تمامًا عن الواقع الاقتصادي الحالي.
وفي هذا الإطار، جاءت القوانين الجديدة لتضع إطارًا أكثر انضباطًا يعيد التوازن للعلاقة الإيجارية، ويأخذ في الاعتبار طبيعة كل منطقة ومستواها الخدمي، في محاولة جادة لإعادة هيكلة سوق الإيجار القديم بما يحقق قدرًا من العدالة للطرفين.
بداية التطبيق الفعلي لمنظومة الإيجار القديم
مع بداية ديسمبر الجاري، بدأ تنفيذ أحد أهم بنود منظومة الإيجار القديم، من خلال تطبيق القيم الإيجارية الجديدة للوحدات السكنية والتجارية والمهنية، ليُشكل ذلك بداية فصل جديد في تاريخ الإيجار القديم في مصر، بعد عقود طويلة من الجمود التشريعي.
القيم الإيجارية الجديدة تدخل حيز التنفيذ
بدأت وحدات الإيجار القديم في عدد من المحافظات تطبيق القيم الإيجارية الجديدة اعتبارًا من الأول من ديسمبر، وذلك عقب انتهاء لجان الحصر من إعداد قوائمها الرسمية ونشرها في الجريدة الرسمية، تنفيذًا لما نص عليه قانون الإيجار القديم بشأن إعادة تقييم الإيجارات وفق طبيعة ومستوى كل منطقة.
تقسيم المناطق لأول مرة في الإيجار القديم
وبموجب القانون، جرى تقسيم مناطق الإيجار القديم إلى ثلاث فئات رئيسية:
مناطق متميزة
مناطق متوسطة
مناطق اقتصادية
ويلتزم المستأجرون بسداد القيمة الإيجارية الجديدة المقررة لكل فئة، دون استثناء، وهو تقسيم يُطبق لأول مرة ويربط قيمة الإيجار القديم بمستوى الخدمات وجودة البنية التحتية وموقع المنطقة، الأمر الذي وضع آلاف الملاك والمستأجرين في حالة ترقب لمعرفة حجم الزيادات وتأثيرها على التزاماتهم الشهرية.
الإيجار القديم والأنشطة التجارية.. زيادة بخمسة أضعاف
وبحسب المادة الخامسة من قانون الإيجار القديم، جرى رفع القيمة الإيجارية للوحدات المستغلة في الأغراض التجارية أو المهنية أو غير السكنية إلى خمسة أضعاف القيمة الحالية، وذلك اعتبارًا من أول موعد لاستحقاق الإيجار بعد العمل بالقانون، في خطوة تستهدف تقليص الفجوة الكبيرة بين القيمة السوقية الفعلية وتكلفة استخدام وحدات الإيجار القديم لأغراض ربحية.
زيادة سنوية لضبط العلاقة الإيجارية
كما أقر قانون الإيجار القديم في مادته السادسة تطبيق زيادة سنوية دورية بنسبة 15% من القيمة الإيجارية الجديدة، في إطار خطة تدريجية لتصحيح التشوهات التاريخية بسوق العقارات، وتحقيق عدالة أكبر بين المالك والمستأجر، دون إحداث صدمة مفاجئة تهدد الاستقرار السكني أو التجاري.
الإخلاء في قانون الإيجار القديم.. شروط واضحة
وفيما يخص الإخلاء، نصت المادة السابعة من قانون الإيجار القديم على التزام المستأجر أو من يمتد إليه العقد بإخلاء الوحدة في نهاية المدة القانونية، كما اعتبرت أن ترك الوحدة مغلقة لأكثر من عام دون مبرر، أو امتلاك المستأجر لوحدة أخرى صالحة للغرض ذاته، يُعد من الأسباب القانونية التي تتيح للمالك طلب الإخلاء.
ويمنح القانون للمالك حق اللجوء إلى قاضي الأمور الوقتية لإصدار أمر بالطرد، مع إمكانية رفع دعوى موضوعية بالتوازي، دون أن يوقف ذلك تنفيذ قرار الإخلاء.
إطار جديد لتحقيق التوازن في الإيجار القديم
ويرى خبراء أن تشريعات الإيجار القديم الجديدة تمثل محاولة جادة لإعادة تنظيم السوق على أسس أكثر عدالة، تضمن حقوق الملاك، وتحافظ في الوقت نفسه على استمرارية الأنشطة السكنية والتجارية، داخل إطار قانوني أكثر وضوحًا وانضباطًا، على أن يتم تقييم التجربة خلال الأشهر المقبلة لرصد آثارها الاقتصادية والاجتماعية.
وحدات الإيجار القديم المغلقة.. أزمة مؤجلة
وتشير التقديرات إلى أن عدد الوحدات السكنية المغلقة الخاضعة لنظام الإيجار القديم يصل إلى نحو 400 ألف وحدة، إلا أن الجهات المعنية لم تتمكن حتى الآن من جمع أدلة رسمية تثبت حالة هذه الوحدات، ما يُعطل تفعيل مواد قانون الإيجار القديم الخاصة بالإخلاء في كثير من الحالات.
صعوبات تنفيذ قانون الإيجار القديم
ورغم أن القانون يتيح للمالك طلب إخلاء فوري إذا ثبت غلق الوحدة لأكثر من عام أو امتلاك المستأجر لوحدة أخرى، فإن العقبة الكبرى تتمثل في صعوبة الحصول على مستندات رسمية تُثبت هذه الوقائع.
وأكد عدد من الملاك أن غياب قرارات تنفيذية واضحة من شركات المرافق، ومكاتب الشهر العقاري، ومصلحة الضرائب العقارية، يُعرقل تطبيق قانون الإيجار القديم بالصورة المستهدفة.
خطوات إثبات امتلاك المستأجر لوحدة أخرى
ولضمان السير في المسار القانوني الصحيح ضمن منظومة الإيجار القديم، حدد خبراء القانون عدة خطوات أساسية، تبدأ بجمع البيانات الكاملة للمستأجر، ثم التوجه إلى مصلحة الشهر العقاري أو الجهة القضائية المختصة لاستخراج استعلام رسمي يثبت امتلاكه لوحدات أخرى.
وبعد ذلك، يحرر المالك محضرًا رسميًا بقسم الشرطة، يُحال إلى النيابة العامة، تمهيدًا لاعتبار عقد الإيجار القديم مفسوخًا بقوة القانون، وإصدار أمر الإخلاء وفقًا للإجراءات القانونية المعمول بها.
















0 تعليق